منذ سطع نور الإسلام على الدنيا أدرك المسلمون طبيعة دينهم وعالمية رسالته، فقاموا يدعون الناس إلى هديه، فبدأ الحوار بين المسلمين ومشركي قريش، وسجل القرآن في آياته الكثير من هذه الحوارات، وتولى فيها الرد على المشركين. وكان من أهم مناسبات الحوار هجرة أصحاب النبي ? إلى الحبشة، وحوارهم مع النجاشي حول قول المسلمين في المسيح وأمه عليهما السلام.
وحين انتقل النبي ? إلى المدينة بدأ الحوار مع أهل الكتاب من قطّان المدينة المنورة، وقد نقل القرآن الكثير من الحوارات التي طَلب من النبي ? أن يجريها مع أهل الكتاب، والكثير منها كان يبدأ بقوله تعالى: ? يا أهل الكتاب ? (النساء: 171، المائدة: 15، 19، 59، 68، 77).
وقد ورد لفظ الحوار في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع: اثنان منها في صيغة الفعل؛ وهما قوله تعالى: { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: 34]، وقوله تعالى في نفس السورة: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} [الكهف: 37].
والثالث في صيغة المصدر في قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:1] ( الندوة العالمية للشباب الإسلامي، 1419،ص12-13 ).
وإذا تتبعنا حركة الحوار في الإسلام وجدنا أن ميدانه متسع زمانا ومكانا؛ فمن حيث الزمان بدأ الحوار منذ عهد النبوة، وما يزال إلى الآن، وسيظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
ومن حيث المكان: فإن الحوار الإسلامي لا يقف عند حدود معينة، بل إنه يخاطب سائر بني البشر أينما وجدوا، دونما نظر إلى لون أو شكل أو لغة أو دين { مَا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ}.
ثم إنه بالنظر إلى شخصية الطرف الذي تقع المحاورة معه وعقيدته نجد أن الحوار يتجه صوب جميع الطوائف والأفراد، وهكذا نجد حوار الرجل مع أهله، وحوار الصديق مع صديقه، وحوار المسلم مع المسلم، وحوار المسلم مع غير المسلم،وحوار الإنسان مع نفسه.
وقد ورد الحوار في القرآن الكريم أنواع عدة منها الحوار التشريعي، والحوار الوصفي، والحوار القصصي والحوار الجدلي. وذكرت نماذج من الحوار في القرآن الكريم منها: حوار الله عز وجل مع الملائكة، حوار الله عز وجل مع إبليس، حوار الله مع أنبيائه، حوار الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم، حوار الرسول عليه الصلاة والسلام مع قومه، الحوار مع المنافقين، الحوار مع أهل الكتاب، الحوار بين الصالحين ( المؤمنين)، الحوار بين الكافرين، حوار حول الحلال والحرام، الحوار بين الآباء والأبناء، الحوار بين أهل النار، حوار الإنسان مع مخلوقات الله، الحوار بين أهل الجنة والنار، حوار السؤال والجواب.
وللحوار في القرآن الكريم خصائص منها، أنه يخاطب العقل والوجدان، قوة الحوار القرآني، وضوح وبساطة الحوار القرآني، استخدام أقرب الطرق وأسهلها للإقناع، تكرار الحوارات القرآنية، الحرص على هداية الناس، اشتماله على آداب الحوار، إرشاده للعقل السليم، تنوع الحوار القرآني.
كما أن الحوار في السنة النبوية له أنواع منها، الحوار الدعوي، الحوار التعليمي. الحوار القصصي، الحوار القدسي، الحوار مع المرأة، الحوار الاستشاري، حوار الأسئلة والأجوبة، حوار استغلال المناسبات، حوار إصلاح الأخطاء.( المغامسي ،1425،ص22).
ومن نماذج الحوار في السنة النبوية :حوار الله مع ملائكته، وحواره مع عباده، حوار الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأعراب، حواره مع نساء المؤمنين، حواره مع اليهود، حواره مع الصغار، حواره مع أصحابه، حواره مع الملائكة، حواره مع زوجاته، حواره مع المنافقين، حواره مع الأنبياء، الحوار مع الوفود، حواره مع الأنصار، حواره مع الملوك، حواره مع الخدم.
أهمية الحوار في حياتنا اليومية:
الحوار حاجة إنسانية تتمثل أهميته باستخدام أساليب الحوار البناء لإشباع حاجة الإنسان للإندماج في جماعة والتواصل مع الآخرين، فالحوار يحقق التوازن بين حاجة الإنسان للاستقلالية وحاجته للمشاركة والتفاعل مع الآخرين.( اللبودي 1423، ص 21).كما ان الحوار كان ولايزال وسيظل الجزء المهم في فن العلاقات العامة بين جميع أفراد المجتمع، ولكي يتدرب الإنسان على اسلوب الحوار وأهميته في الحياة اليومية فأمامه مراحل هي التي تصقل موهبته ليتمرس على الحوار ..أهم هذه المراحل هي:
1- الأسرة:فهي المدرسة الأولى التي تعلم الطفل الكلام،وهي المكان الأول الذي يتدرب فيه الطفل على أسلوب الحور،لهذا كان الدور الأكبر للأسرة في صنع شخصية الإنسان وتدريبه على الحوار،الذي يعوده على الجرأة وإظهار ما في نفسه.(ابن حميد،1415،ص10).
2- المدرسة: والمدرسة هي الأخرى تعلب دوراً خطيراً في تهذيب وجدان الطفل الذي تتسع دائرة معارفه من خلال مايتلقاه فيها من معلومات.ومايجد فيها من تربية تهيئه لعملية تنشئة تتسم بسعة الأفق الذي يكتسب من خلاله معارف وثقافات ومعتقدات تتضافر مع عوامل أخرى على تشكيل وتوجيه سلوك الأطفال،كما أن المدرسة تسهم في تدعيم القيم وتاصيلها في نفوس الطلاب والتأكيد على روح الانتماء للأسرة والمجتمع والمدرسة،والتأكيد على كيفية الحفاظ على حقوق الإنسان وحقوق الصحبة والجوار.وكل هذه الأسباب تدرب الطالب على الحوار والتعامل مع الآخرين.(عبيد،1424،ص13)، (ابن حميد،1415،ص10).
3- المجتمع:وللحوار في المجتمع فوائد عدة، فالحوار بين أفراد المجتمع يسهم في نشر العلم بينهم، وتحقيق مبدأ التناصح، ويسهم في تخفيف ضغوط الحياة. والحوار بين الجيران مفيد في جانب التعلم، وفي جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويمكن عن طريق الحوار الإصلاح بين الجيران،كما أن للحوار مع المجتمع دور فاعل في إتقان فن التعامل مع الآخرين وتبادل جوانب عديدة من أساليب الحوار التي تنمي لدى أفراد المجتمع قبول الرأي الآخر والتعايش معه.
مستويات الحوار في المفهوم الإسلامي:
للحوار في المفهوم الإسلامي مستويات هي:
الأول : الحوار مع النفس ومحاسبتها وطلب الحق ويكون هذا في شكل حوار داخلي مستمر بين النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة حتى يصل الإنسان إلى الاطمئنان.
الثاني : الحوار بين أفراد المجتمع الإسلامي وفق اجتهاداته المختلفة عملا بمبدأ التعاون في الاتفاق والاعتذار في الاختلاف ،حفاظا على وحدة الصف الإسلامي .
الثالث : الحوار بين المسلمين وغير المسلمين الذين يشتركون معاً في إعمار الكون ، وهو حوار يجرى وفق مبدأ المدافعة الذي يمنع الفساد وينمى عوامل الخير.
غايات الحوار: للحوار غايتان إحداهما قريبة والأخرى بعيدة.
أما غاية الحوار القريبة والتي تطلب لذاتها دون اعتبار آخر: فهي محاولة فهم الآخرين.
أما الغاية البعيدة فهي:إقناع الآخرين بوجهة نظر معينة.
أهداف الحوار التربوي وغاياته:
معلوم أن للتربية أساليب متعددة كالتربية بالترغيب والترهيب وأسلوب العبرة والموعظة والتربية بالأمثال القرآنية والقصص والتربية بالقدوة والتربية بالممارسة والعمل،ومن أساليب التربية أيضًا التربية بأسلوب الحوار،فإذا استقرأنا أكثر مواطن الحوار الواردة في القرآن الكريم والسنة،وجدناها جميعاً تشترك في هدف رئيس هو جذب الانتباه إلى الهدف الاعتقادي،أوالتعبدي أوالسلوكي الذي وجد الحوار من اجل تحقيقه،والترغيب في الاهتمام به واعتناقه،ولكن هذا الهدف التربوي يمكن أن يكون بدوره وسيلة إلى تحقيق الأهداف الاعتقادية والاجتماعية والسلوكية والأخلاقية والتعبدية التي أنزلت كتب الله وبعثت رسله لتحقيقها.
وقد أورد النحلاوي أهداف التربية بالحوار القرآني كشاهد على غايات هذا الحوار وإمكانية الاستفادة منه في التربية وأجمل أهم هذه الأهداف من النصوص القرآنية المعتمدة على الحوار ومنها:
1- الحوار الخطابي التعبدي وأهم أهدافه:
- الاستغراق في مناجاة الله تعالى وإذكاء الشعور برحمته وعظمته وعنايته وبأنه وحده المستحق للعبادة.
- استمرار الصلة بالله وتربية الوجدان والعواطف الربانية على ذلك.
- تربية خلق التفاؤل والثقة بالنفس وعزة النفس والاعتزاز بالله.
2- الحوار الخطابي الموجه من الحق جل جلاله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم،وأهم أهدافه:
- إشعار النبي صلى الله عليه وسلم بمسؤولية التبليغ.
- تحديد طبيعة دعوته صلى الله عليه وسلم ومهمته وتسليته وإيقاظ عزيمته ليمضي في دعوته.
- الإجابة على أسئلة السائلين،والرد على المشركين والمنافقين واهل الكتاب ودحض حججهم الباطلة.
3- الحوار الخطابي الموجه إلى (الذين آمنوا)،وأهم أهدافه:
- دعوة المؤمنين إلى مايقوي إيمانهم.
- دعوة المؤمنين إلى تكوين المجتمع المسلم.
- الاستعانة بالصبر والصلاة على انجاز متطلبات الإيمان.
4- الحوار الخطابي الموجه إلى الناس: وأهم اهدافه:
- دعوة الناس إلى تقوى الله وتخويفهم من أهدال يوم القيامة.
- أن يبرهن للناس أن البعث آت لاريب فيه.
- دعوة الناس إلى عبادة الله وتوحيده وتنزيهه عن الشركاء والأنداد.
- (النحلاوي،1423،ص135-150).
وتبرز أهمية الحوار من حيث كونه أسلوبًا من أساليب التربية في عدة أمور أهمها :
• عرض الموضوع عرضًا حيويًا.إذ يناوله الخصمان بالأخذ والرد مما لا يدع مجالاً للملل بل يدفع إلى الاهتمام والتتبع لما يتوقعه من جديد .
• إغراء القارئ أو السامع بالمتابعة بقصد معرفة النتيجة وهذا يجدد النشاط
• إيقاظ العواطف والانفعالات مما يساعد على تربيتها وتوجيهها نحو المثل الأعلى،كما يساعد على تأصل الفكرة في النفس وعمومها
• عرض الموضوع عرضأ واقعيًا بشريًا يجعل له أثر جيد في السلوك حيث أن هذا الحوار يٌلزم الإنسان بتبني مقتضاه مادام اقتنع بنتيجة الحوار.
كما أن للحوار داخل البيئة التربوية فوائد كثيرة، فالحوار بين الإدارة والمعلمين مفيد في تنظيم العمل وتطبيق النظام، ويمكن عن طريقه تبادل الخبرات والمعلومات، وحل المشكلات التي قد تحدث داخل المدرسة. والحوار بين المعلمين والتلاميذ يقوي العلاقات الاجتماعية، ويسهم بشكل فعال في تنمية مهارات التلاميذ، وينمي تفكيرهم. وللحوار بين المدرسة وأولياء الأمور فوائد منها: معرفة مشاكل الطلاب من أجل حلها، وتنمية مهارات الطلاب، والإسهام في تعليم أولياء الأمور وتثقيفهم.
أصول الحوار الهادف:
مامن شك في أن الحوار هو أفضل طريقة للتفاهم بين الأطراف المتباينة التي تربطهم مصالح مشتركة ليتمكن كل طرف من فهم سلوك وتصرف الطرف الآخر... فالأفراد .. أو .. المجتمعات .. عندما تسعى وتتحرك في اتجاه تحقيق منفعة أومصلحة معينة لابد أن يكون لها غرض ووسيلة وهدف،فالحوار إذا يختلف من قضية إلى قضية .. ولابد من اختيار المحاور في القضية التي يحاور فيها بحيث يكون عنده علم وإلمام بالقضية التي سيحاور فيها.. والحوار مظهر حضاري يعكس تطور المجتمع ونضج فئاته،ليتم تبادل الاحترام بين الأطراف المتحاورة على أصول وأسس ثابتة وضوابط محكمة أهمها:
1- حسن الخطاب وعدم الاستفزاز وازدراء الغير، فالحوار غير الجدال.واحترام أراء الآخرين شرط نجاحه،ولنا في حوار الأنبياء مع أقوامهم أسوه حسنة، فموسى وهارون أمرا أن يقولا لفرعون قولا لينا لعله يذكر أو يخشى. ففي محكم التنزيل : { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَن }(الاسراء :53) . { وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن } (النحل: 125) . { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً }(البقرة :83) .
2- أن يصدر عن قاعدة قدرها علماء المسلمين وهى قاعدة: ( قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب). فالحق ضالة المؤمن وضالة الإنسان العاقل وإتباع الغير وإتباع الشهوات مما عابه القرآن على الكافرين وعده سببا لهلاك الأمم .
3- حسن المقصد: فليس المقصود من الحوار العلو في الأرض، ولا الفساد، ولا الانتصار للنفس، ولكن المقصود الوصول إلى الحق .
4- التواضع بالقول والفعل: من آداب الحوار: التواضع، وتجنُّب ما يدل على العجب والغرور والكبرياء.
5- الإصغاء وحسن الاستماع:الإصغاء إلى الآخرين فن قَلَّ من يجيده، فأكثرنا يجيد الحديث أكثر من الاستماع، والله سبحانه وتعالى جعل لك لسانًا واحدًا، وجعل لك أذنين حتى تسمع أكثر مما تتكلم، فلابد أن تستمع جيدًا، وأن تستوعب جيدًا ما يقوله الآخرون. مع اللباقة في الإصغاء ، وعدم قطع حديث المُحاور . وإنّ من الخطأ أن تحصر همَّك في التفكير فيما ستقوله ، ولا تُلقي بالاً لمُحدثك ومُحاورك ، وقد قال الحسن بن علي لابنه ، رضي الله عنهم أجمعين : ( يا بنيّ إذا جالست العلماء ؛ فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلًم حُسْنَ الاستماع كما تتعلم حسن الكلام ، ولا تقطع على أحد حديثاً – وإن طال – حتى يُمسك ) . (ابن حميد،1425،ص13-16).
6- الإنصاف والعدل : وهو أن تكون الحقيقة ضالتك المنشودة، تبحث عنها في كل مكان، وفي كل عقل. جرِّد نفسك، ولا تبالِ بالناس رضوا أم سخطوا، وكن باحثًا عن الحقيقة، وليعلم ربك من قلبك أنه ليس في قلبك إلا محبة الله تعالى، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحب الحق الذي يحبه الله ورسوله.(عبيد،1424،ص29-31).
7- الموضوعية: الموضوعية تعني: رعاية الموضوع، وعدم الخروج عنه الذي هو محل النزاع أوالخلاف،فإن آفة كثير من الناس أنهم إذا ناقشوا غيرهم في موضوع معين،تعمدوا أن يسلكوامايسمى في هذه الأيام بخلط الأوراق.(طنطاوي،د.ت،ص23). (العودة،1412،ص37-45).
تقنيات الحوار وآدابه:
تحدث العلماء عن أدب الحوار والبحث والجدل والمناظرة وجعلوا لها آداباً ينبغي لكل محاور أن يتقيد بها،وقد أورد القرآن الكريم الأدب الرفيع والأسلوب الذي يعلو على اسليب البشر في ذلك ففيه الأسس القويمة لآداب الحوار التي تصونه عن أن يتحول إلى مماراة بعيدة عن نشدان الحقيقة،والأصل في الحوار المثالي الذي يلتزم فيه جانب الحق والأدب أن يتفهم كل طرف من الفريقين المتحاورين وجهة نظر الآخر،وقد قسم المغامسي آداب الحوار إلى ثلاثة أقسام هي:
1- آداب عامة للحوار.
2- آداب خلال الحوار.
3- آداب بعد الحوار.
ويمكن تلخيص آداب الحوار من خلالها إلى مايلي:
1- الإخلاص: وهو من أول آداب الحوار العامة التي تحقق للحوار المصداقية، بحيث لا تكون الدوافع للحوار هوى في النفس أو تعصب أو غير ذلك من الأسباب.
2- الصدق:إن المحاور الصادق يكون هناك تقبل لما يطرحه من آراءه وأفكار بعكس المحاور الكاذب المخادع فإن الناس لا تثق به ولا تأخذ برأيه.
3- الصبر:الحوار قد يكون فيه استفزاز أو أمر قد يغضب منه أحد طرفي الحوار، وهنا لا بد من الالتزام بالصبر والحلم وعدم الغضب.
4- تحديد المصطلحات: إن تحديد المصطلحات أمر مهم جداً في الحوار بحيث أن كل طرف
5- الالتزام بوقت الحوار: لابد ان يلتزم كل طرف من أطراف الحوار بوقت محدد بحيث لا يأخذ الوقت كله. وقد يصل الحوار إلى مرحلة لا بد فيها من إنهاء الحوار إما لعدم القدرة على إكماله أو للرغبة في تحديد موعد جديد للحوار مرة أخرى.
6- الأمانة العلمية عند النقل: وذلك أن البعض عند اشتداد المناظرة ربما تخلى عن أمانته العلمية وعزا أقوال لأقوام لم يقولوها وربما وضعًا حديثًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم تجنبًا للإحراج وتحسبًا للمناظرة وهذا فيه من الخطورة ما لايخفى .
7- حسن المناداة للمناظر: وذلك كأن يقول يا أستاذ أو عماه أو يا أخ ونحو ذلك مما هو لائق به .
8- عدم استعمال ضمير المتكلم: وذلك لا يقول ونظراتنا للمسألة كذا ونحن نرى كذا لأنه ربما وقع في مدح نفسه بل يقول قال العلماء كذا . تدل الدراسات والتجارب على كذا .
هذه أهم الآداب التي ينبغي مراعاتها أثناء الحوار والتي تؤدي إلى الخروج بنتيجة مرضية غالبًا وهذا معلوم بتتبع سير العلماء والدراسات الحديثة (المغامسي1425،ص12-16)،(ابن حميد1415ص14).
وقد لخص الأستاذ محمد محي الدين عبدالحميد مجموعة من هذه الآداب في رسالة الأدب في علم أدب البحث والمناظرة تحت عنوان آداب المتناظرين منهاك
- أن يتحرزا من غطالة الكلام ومن اختصاره.
- أن يتجنبا غرابة الألفاظ وإجمالها.
- أن يكون كلامهما ملائما للموضوع.
- ألا يسخر احدهما من صاحبه.
- أن ينتظر كل منهما صاحبه حتى يفرغ من كلامه.(الألمعي،1404،ص452).
التعلم من خلال لغة الحوار:
إن آداب الحوار لا تكفي دراستها نظريا, بل لا بد من التطبيق العلمي لها، والتطبيق يكون في مجالات عدة منها الأسرة والمدرسة والمجتمع والتي سبق الإشارة لها عند إيضاح أهمية الحوار في حياتنا اليومية،ويمكن تفصيل ذلك في التالي:
أولاً: تعلم الحوار من خلال الأسرة: ففي الأسرة عند التزام الأبوان بآداب الحوار فأنهم يكونون بذلك قدوة جيدة للأبناء في تطبيقهم لآداب الحوار. وآداب الحوار هي جزء من الأخلاق التي ينبغي تعليمها للأبناء نظرياً وعملياً. وأسلوب الممارسة والتدريب على آداب الحوار من الأساليب التربوية التي لها أثرها على الأبناء.
ثانياً: تعلم الحوار من خلال المدرسة: ففي المدرسة يمكن تطبيق آداب الحوار في مجالات عدة منها المنهج وطرائق التدريس والنشاط. فآداب الحوار لا بد أن تكون جزء من المنهج، وتطبق في جميع مكونات المنهج، والكتاب المدرسي وهو جزء من المنهج، فينبغي أن تكون آداب الحوار ضمن مفرداته، وأن تعرض بشكل جذاب ومفيد ومشجع على الأخذ بها.
وطرائق التدريس متنوعة، ويفترض في المعلم أن يختار منها ما يناسب الموقف التعليمي. ومن أنجح طرق التدريس التي يمكن الأخذ بها طريقة الحوار, ولها مميزات كثيرة. ويلحظ أن عدم التزام المعلم بآداب الحوار مع طلابه يفقد الطريقة الحوارية أهميتها بل قد يجعلها عديمة الفائدة. ومن طرائق التدريس التي يمكن تطبيق آداب الحوار فيها طريقة المحاضرة، وهي طريقة شائعة بين المعلمين، ويمكن للمعلم استغلال المحاضرة في ترسيخ آداب الحوار لدى الطلاب وتعوديهم عليها.
ومن الأساليب التربوية التي يمكن استغلالها في تطبيق آداب الحوار، النشاط الذي له أهمية تربوية في تعليم الطلاب وإكسابهم الخبرات التربوية. ومن مجالات النشاط: الإذاعة المدرسية التي يمكن من خلالها تدريب الطلاب على ممارسة آداب الحوار، والندوات والمحاضرات التي تقوم في المدارس لها أثرها الواضح في تعويد الطلاب على آداب الحوار ومعرفتهم لهذه الآداب.
ثالثاً:تعلم الحوار من خلال المسجد: تعد المساجد من وسائط التربية التي لها تأثيرها في الفرد فهي ليست دوراً للعبادة فقط , بل الواجب أن تكون مؤثر في جميع جوانب حياة المسلمين . وفي المسجد تكون خطبة الجمعة، بحيث يمكن أن يذكر الخطيب بعض آداب الحوار في الخطبة، وقد يذكر لهم بعض الحوارات الناجحة التي روعيت فيها آداب الحوار وأخرى غير ناجحة، لتجاهل آداب الحوار فيها. وفي المساجد تقام الدروس والندوات من حين إلى آخر، حيث يمكن للمحاضر أن يذكر فيها آداب الحوار ويجعلها محور لحديثة، ويبين للمستمعين فوائد الأخذ بهذه الآداب. والمحاضر في المسجد هو قدوة لمن يستمع له فالواجب عليه هو أولاً أن يلتزم بآداب الحوار.
رابعاً:تعلم الحوار من خلال وسائل الإعلام:إن وسائل الإعلام لها تأثيرها الواضح في هذا العصر فالذي يملك وسائل الأعلام يعبر عما يريد. ونشر آداب الحوار في وسائل الأعلام أمر لا بد منه، ليتعرف الناس عليها، ومن ثم يمكن لهم تطبيقها في حواراتهم. ويلحظ أن الحوارات الحاصلة في وسائل الأعلام أحياناً لا تجد من يستفيد منها وذلك لانعدام أدب الحوار فيها.المصدر : منبر التربية