أأنقل هذه اللوحات من سبكة منارات التربوية لأن فيها نفع عظيم جدا لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكورا:
لوحاتٌ تربويّة
شتاتٌ متناثر، وخواطرُ في النفسِ تجيش, وتجاربٌ تبحثُ عن مُتنفّسٍ لها, كانَ الهدفُ واحداً ولا زال, نسعى سوياً من أجل تحقيقه, نُقيمُ البرامج, وننسّقُ الدروس, ونعقدُ الندوات والاستضافات, ولا مانع من الترويح أحياناً لننطلق بجدِّ من جديد, ومع طولِ الصحبةِ مقترنةً بالمراس, تتراكم الخبرات, وتنتشي الملكة, وتتفتقُ الأذهان, خصوصاً مع هذا الزخم الهائل من الممارسات والتوجيهات والتجارب التربوية، لتنشئ شخصاً قادراً – على الأقل – على ممارسةِ العمل في الميدان التربوي, ومقارعةِ معضلاته, وكشف دسائسه, وسبرِ أغواره, وإن كان النقصُ والقصور ملازماً للنفس ولا بدّ.
نصابي سيكون عشرينَ لوحةً, وما زاد فهو هديّةٌ أقدمها على خجل, مع العلم أنني في هذه الصفحات سأتكلم بشكلٍ متشتت، فقد لا تجد رابطاً بين لوحتين متواليتين, وقد تستغربُ أحياناً من تقديم مهمٍ على أهم, لأنها خواطرُ تجيشُ في النفسِ فأكتبها في حينها, ولربما كانت بعضُ المواضيع حساسة, وبعضها عُرْضة للسخرية عند من لا يفهم التربية, وختاماً فإن المعنيَّ الأول بهذا الموضوع هم روادُ حِلَقِ تحفيظ القرآن الكريم, ما بين طلابٍ ومشرفين, لأنَّ ما سيُنثرُ هنا ناتجٌ عن طولِ صُحبةٍ لهم, وقد يوجد شيءٌ من التداخل في اللوحات مع مؤسسات تربويةٍ أخرى.
(اللوحةُ الأولى)
بالحُبِّ يقود القُبطان دفَّة التربية باقتدار
سألتُ أحدهم -وكان طالباً-: أيُّ الأطياف تلوحُ أمامك بشكلٍ مستمرّ؟ فتتمنى أن لو تناجيها وتحاكيها وتسمعُ همسها؟
جال في الأفق بعينيه الشاردتين, وقد استرجع من أرشيف الذكريات كثيراً من الذوات والشخوص, وبعد إدمان التفكير, أجاب منتشياً: ومن ينسى أبا ثامر؟!
لم يكُن هو الوحيد الذي أجاب هذا الجواب, كلُّ دفعته وأقرانه ومن قَرُبَ منهم علوّاً أو دنوّا, يحملون الشعورَ نفسَهُ تجاه أبي ثامر, تراهم يُنصِتونَ له إذا تكلم, ويحتفون به إذا حضر بعد طولِ غيبة, ويسارعون إلى استشارته عند حلول مشكلة , ولا يصدرون عن رأيه أبدا, إنه يحبّهم و يحبّونه, فنال هذه المنزلة الرفيعة ..
عن نفسي.. إن أنسى فلا أنسى أبا محمد, أحببته حبَّاً جمّا, وكذا من هم في سنّي, وكان يبادلنا الشعور نفسه, لا أخفيكم.. لربما غضبَ عليَّ لأمرٍ اقترفته نفسي الأمّارةُ بالسوء, ولربما نلتُ منه التوبيخ بشيءٍ من القسوةِ, ومع ذلك تزداد – والله– محبتي له, لأنه يغضب بحُبّ, وشتان بين غضب الحب, وغضب الغل والحقد.
الحُبُّ المتبادلُ بين المربّي والمتربي من أعظم الركائز الأساسيةِ التي تقوم عليها عمليةُ التربية (ولو كنتَ فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك), ما رأيتُ فيما طبقتُّ, ولا في استقرائي للمربين العاملين في هذا الميدان, أكثرَ نجاحاً ولا إنتاجاً ولا توفيقاً من المربّي المحبوب, الذي يحبّه طلابه, لدماثة أخلاقه وطيب خصالهِ, بل – والله – إن أثره يصلُ إلى بيتِ المتربي دون أن يشعر, و أقولُ هذا الكلام من ميدان تجربة, لا من ميدان تنظير, و يزدادُ هذا الأثر متى ما كان المتربي يتيماً، أو مُطلّقَ الأم, لأنك – غالباً – ستقومُ بدور الأب.
أنا هنا لا أتكلمُ عن الحبِّ المذموم, الذي هو نتاجُ ثقافةٍ سيئة, فهذا النوعُ من الحبِّ يهدمُ ولا يبني, يبور ولا يعيش, يمحل ولا يبقى, إنني هنا أتكلّمُ عن الحبِّ بمعناه النقيّ الكبير, الذي أعيا الأخلاءَ طلبه, وأضاع الأصفياءُ مسلَكَه, أتكلّمُ عن الحبِّ الذي ارتضاه رسول الله r منهجاً له, وعاشَ الصحابةُ في عهد أبي بكرٍ في كنفه لا يتقاضون إلى قاضيهم عمر, مما حدا بأبي بكرٍ أن يغلق باب المحكمة بالشمعِ الأحمر مُدّةَ خلافته, لأن الحبَّ قد فصل في القضيّة, وجعل الأرواح تحلّق عالياً في السماء, إنه حبٌّ علمتُ فيما بعد أن القوم يسمونه: (الحب في الله) وهو عنوانٌ كبير, يحمل تحته جملةً كبيرةً من المضامين, تؤدي في الغالبِ إلى حبِّ العمل كبُرَ أو صغُر, كحبِّ احترامِ الصغيرِ للكبير, وحبِّ الشفقةِ من الكبير للصغير, وحبِّ الخير للغير, وحبِّ قضاء الحوائج و .. إلخ, والخلاصةُ أن لا تُقدمَ على عملٍ – أيها المشرفُ والطالبُ – إلا وأنت تؤديه بحُبَّـين, الأول (حبٌّ في الله), والثاني وهو في الغالب نتيجةُ الحبِّ الأول (حبُّ ذات العمل) لا أن تؤديه على أنه واجبٌ تنهيه, أو فرضٌ تقضيه, أو صخرةٌ تزحزحها من على رأسك.
بعد ذلك، سنشرع سويّاً في قراءةِ الطُرُقِ و الأساليب التي يمكن من خلالها أن نقتنص قلوب أفرادِ المحضن, حتى نؤثرَ عليهم بشكلٍ أفضل, ولعلها تكون لوحتنا القادمة بإذن الله. الحبُّ يحتاجُ إلى صبرٍ و مجاهدةٍ و حُبّ..!
(اللوحة الثانية)
أرِشْ سهمك .. فقد لاح الصيْد (1)
من المقرر أن نتكلّم في هذه اللوحةِ عن وسائل اقتناص القلوبِ واصطيادها, خصوصاً تلك الوسائل والأساليب التي تتعلق بالمحاضن التربوية, وفي اعتقادي أن موضوعاً كهذا, من العيب الفاضح, أن نجعلهُ في لوحةٍ واحدة, لأنه موضوعٌ كبيرٌ ومتشعب, وسأحاول استيعابه في ثلاث لوحات, وما زاد فهو نافلة وتطوّع, لكن قبل الشروع في تلك الوسائل, لا بد أن نعي ونفهم .. لمَ نقتنصُ القلوب ..؟ ولمَ ندعوا إلى ذلك ..؟
الجوابُ - يا رعاك الله-:
1- نقتنص القلوبَ ونصطادها إقتداءً بسيدنا إبراهيم - r- حينما دعا ربّه فقال: (واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين), ولا يكون لسان الصدق إلا بمحبةِ الناس وإجلالهم له, ولا تكون المحبّةُ من الناس إلا بفعل الأسبابِ المؤديةِ إلى ذلك, فهي سنّةٌ نبويّة, ومطلبٌ شرعي.
2- نقتنصُ القلوبَ حرصاً على سُمعةِ التربية, وإظهاراً لبريقها اللامع الأصيل, حتى نستميل القلوبَ أكثر, فيأتي المتربي إلى محاضنها يركضُ ركضاً برغبةٍ منه, خصوصاً في المحاضن التي فيها للمتربي الخيار في الانخراط من عدمه, كالحِلقِ والدور.
3- وعليه مدار التربية, وهو مربط الفرس, وقطبُ الرحى, وهو أننا نقتنصُ القلوب حتى نملك ناصيةَ المتربي فنوجهه إلى الخير فلا يضجر, وندله على الصواب فلا يتأخر, ونحذّره من الخطأ فلا يستنكف أو يستكبر, وهذه نتيجة طبعيةٌ لمن ملك زمام القلوب, ولنا في تحريم الخمر في زمنِ النبوّة أعظم عبرة.
وبعد هذه المقدمة المختزلةِ في بيانِ دواعي اصطياد القلوب, نلجُ الآن إلى معرفةِ الكيفيةِ التي نتوصلُ بها إلى هذه الوسيلةِ العظيمة, مردفةً بالقصص والتجارب, بعيداً عن الكلام المثالي, والتنظير البارد وقد تجدُ – سددك الله – في بعض الوسائل شيئاً من الإغراب, وقد أتكلمُ بشيءٍ من التفصيل في بعضها, مما قد يجعل البعض يرى أنها لا تستحق هذا التفصيل, لكن ثقوا ثقةً تامة أنني لم أفصّل إلا لأنني جربت..!
ووالله الذي لا إله إلا هو, ما وددتُّ ولا أردتُّ أن أسطّر هذه الأحرف الهزيلة حتى يقالَ عنّي هو محبوبٌ له في قلوب الناسِ مكانة, ومن فضلِ الله عليّ أن الكل هُنا لا يعرفُ (زرد السلاسل) بل هو مجهولٌ من المجاهيل, كلامه يحتمل الصدق والكذب, والتهويل والتهوين, قد أحسن الله بنا أن الخطايا لا تفوحُ.
عوْداً على ذي بدءٍ أقول:
1- إن من أعظمِ ما تُستجلب به القلوب, وتُسلُّ به السخائم, هو سحر الابتسامة, وكلما كانت الابتسامةُ أقربَ إلى التبسط منها إلى التكلّف كلما كانت أقربَ إلى القلب, وكلما كان دافعُ الابتسامة نابعاً من الحُبِّ الصادق, كلما كانت أمضى وأنفذ إلى القلب, واختيار التوقيت مؤثرٌ في ذلك, فليس من الحكمة ولا من الصوابِ بل ولا من الرجولةِ أن تبتسم وصاحبك يُعاني أي لونٍ من المعاناة, فالعاقلُ من يشاركُ صاحبه مشاعره , لا من يصادمه تلك المشاعر.
ومما جرّبتُه وأفدته واستفدتُ منه إرسالُ هذا السهم في وقتٍ لا يتوقعه الصيد, وبالمثالِ يتضحُ المقال: المحضنُ بمشرفيه وطلابه, مجتمعون في مجلس واحد, في استراحةٍ ما, أو في منزلٍ ما, وكل اثنين أو ثلاثة يتهامسون فيما بينهم في حديثٍ جانبي, عدا فهد الذي صار منزوياً على نفسه, ربما يفكّر في أمر أشغله, وربّما رأى أن من بجواره يتحدثون في موضوعٍ يخصّهم فلا يقوى على مشاركتهم, في هذه اللحظات أرِش سهمك, وأوتر قوسك, واستعد لاقتناص قلبِ فهْد, وتحيّن التقاء عينيك بعينيه, فإذا وصلتما إلى نقطةِ الالتقاء فأرسل سهمك وابتسم, واظفر بصيدك, ولا مانع من القيام إليه للتحدّثِ معه – وإن كان يصغرك سنّاً -, أو المسارعة إلى طلبه بقُرْبك لأجل مؤانسته.
2- رطّب لسانك بذكر اسم المتربّي بين الفينةِ والأخرى, خصوصاً عند أول لقاء, وأيضاً عند اللقاء بعد طولِ غيْبة, لكن لا يكن هذا التكرار بشكلٍ متكلّف فيبعث السآمة والملل في نفسِ المتربي. إن تكرار الاسم يُشعر الشخصَ المقابل, بقربك منه, وهو أسلوبٌ فعّال, لكسر الحاجز بين المربي والمتربي. وأنا أؤكدُ بذكر الاسم المجرّد, ولا أقصدُ الكنية أو أحبَّ الأسماء إليه – على الأقل في بدايات الطالب مع المحضن – والسببُ في ذلك أن ذِكر الكنيةِ من البداية قد يُشعر المتربي بوجودِ شيءٍ من التكلّف أو الرسميّات أو ما شابه, خصوصاً إن لم يعتد مثل هذا وعكسُ ذلك عند النداء بالاسم الأول مجرّداً.
(كيف حالك يا فهد؟) , (أهلاً بفهد) , (اشتقنا لك يا فهد) , (كيف أبوك يا فهد) , وهلم جرّا..
3- الرائحة الطيبة .. سنّارةٌ تبحثُ عنها السمكة..!
كن على استعدادٍ دائماً لتركيب الطُعْم في السنّارة, وليكن عطرُك المفضّل على مقربةٍ منك, ولتحرص دائماً على اقتناءِ عطرٍ ذي رائحةٍ باردةٍ خفيفةٍ فوّاحة في سيارتك, خصوصاً إذا كان المحضن تقوم آليته على مرور المتربّي بالسيارة من قِبَلِ المربّي, وقبل ركوبِ أحدهم معك بفترة بسيطة – خمس دقائق مثلاً – بادر بإرسال عطرك النفاث في جوانب السيارة لتكون السيارةُ حديثةَ عهدٍ به, وفي ذلك من إدخال الراحة على المتربي ما تجعله يتمنى المكوث في السيّارةِ أبدا, ولتحْرص على أن تُجمّل رائحتك أنت في كلِّ وقت, وهذا مُجرّبٌ وله أثرٌ ملموسٌ ومحسوس, ولا عجب فقد أخبر الصادقُ المصدوق - r - بأنه قد حُبب إليه من دنيانا النساءُ والطيب.
(اللوحة الثالثة)
أرِشْ سهمك .. فقد لاح الصيْد (2)
4- خيرُ الناسِ أنفعهم للناس, ومن سعى في قضاءِ حاجةِ أخيه سعى الله في حاجته, ولأن أمشي في حاجة أخي حتى أثبتها أحب إليّ من أن أعتكف في المسجد شهراً, قضاءُ الحوائج وتنفيسُ الكُرب, سلاحٌ نافذٌ مُعطّل عند الكثير من الناس, ولا أدري لمَ؟
و لستُ هنا أتكلم عن المصائب العظام والكروب الجسام -وإن كان تنفيسها عنا لأخ مطلباً شرعياً-, لكنني أتكلم عن الحوائج التي لا تستدعي جهداً يُذكر, والأمثلةُ كثيرةٌ مستفيضة, كطالبٍ على موعدٍ مع امتحان أزفَ وقته وهو لم يستوعب المادةَ كما يجب, فما المانع من أن تنبري له لتشرح له ما تعسّر إن كنت ملمّاً بالمادة, وإن لم تكن كذلك فلا مانع من البحثِ له عمن يُنفّسُ كربته.
وقد يردُّ الحرجُ المتربيَ من البوح بمصيبته وهذا كثير جداً في مجتمع التربية, إما لوجود الحاجز بين المربي والمتربي, وإما لحياء المتربي الشديد, وإما لضعف الثقة من المتربي تجاه المربي, فأنتَ في هذه الحالة بحاجةٍ إلى كسر مثل هذا, بأن تكون البادرةُ منك في السؤال عما أصابه.
وقد يقولُ قائل: وكيف أعلم بحلول كربةٍ به ؟؟
أقول: هذا الأمر يحتاج إلى فراسة ومعرفةٍ سابقةٍ بطباع المتربين وقد يطولُ تحصيل هذا الأمر, إلا إن كان حدسك أيها المربي عالياً فلن يصعب عليك والأفضل سؤال المتربي عن حاله بشكل مستمر, فقطرات الماء بإمكانها أن تثقب الصخرة، ليس لقوتها، وإنما لتواصل سقوطها.
وقد حذّرتُ من قبل, وإنني الآن أحذّر من التكلّفِ في قضاء الحاجات تكلّفاً قد لا يستسيغه المتربي, مما يجعله ينفر ولا ينجذب, لأن العاقل بطبعه لا يريد أن يكون عالةً على الناس, لكن لا مانع منه إن كان في أحيانٍ قليلة لتبيّن للمتربي عظيم قيمته عندك, أما أن يكون على الدوام فلا.
5- الرسائلُ فنٌ جميل, كلُّ ما يسمى رسالة, سواءً كان رسالة ورقية ذات الأسلوب التقليدي القديم, أو رسالةً نصيّة من بُنيّات التقنية الحديثة, فإنها مقصودةٌ في حديثي هُنا, أتذكر في القديم القريب, وعندما كنا في رحلةٍ إلى منطقة الجنوب, وبالتحديد في آخر ليلةٍ منها, استللتُ دفاتر الطلاّب المخصصة للتعليق على الدروس الثقافية وكتابةِ الفوائد, وأنا إذ ذاك طالبٌ في آخر سنةٍ بالمرحلة الثانوية, فجلستُ تحت ضوء القمر, والجميعُ قد أخلدَ إلى النوم, وأخرجتُ قلمي واخترتُ أسماء معيّنة لأكتب لها رسالةً أخويةً في دفترها, وأنا على علمٍ أن الدفاتر ستؤوب إلى أصحابها في نهايةِ الرحلة, لم يكن الاختيارُ محضَ اختيارٍ فحسب بل اخترتُ أسماءً تحتاج – في نظري– إلى ما سأكتبه, وبالفعل كتبتُ ما فتح الله لي في أسلوب أخويّ مبسّط, ثم أعدتُ الدفاتر إلى أماكنها, العجيبُ أن أحدهم بعد ثلاثِ سنوات صارحني بتلك الرسالة -بعدما نسيتها – وكيف أنها أثّرت فيه, وغيّرت أموراً في حياته – والفضل لله – وأنه لا يزال يحتفظ بها ولن يفرّط فيها كما يقول.
وحتى ينجح هذا الأسلوب – وهو أسلوبٌ يختصر لك الطريق إلى القلوب– لابد من مراعاة الأسلوب, ولا أقصد بذلك أن يكون أسلوباً رفيعاً من ناحيةِ التراكيبِ والكلمات, بل أقصدُ من ناحية أسلوب الخطاب وتوجيه الكلام, عليك أن تكتب له بحُبّ وأن تؤكدَ له هذا المعنى في ثنايا السطور, كما أنه لا بد من مراعاة عقلية المتلقي ومدى استيعابها لما تكتب, وشيءٌ مهم جداً أن تكون الرسالةُ بخط يدك فلا تكون مرقومةً بالحاسب, لأنها حينئذ ستكون أشد وقعاً في النفس, حتى وإن كان في خطك شيءٌ من السوء فإن هذا لا يمنع ما دام الخط مقروءاً, واحرص على أن لا تدفعها إليه بنفسك بل اجعل بينك وبينه وسيطا, ولتكن الرسالةُ ممهورةً و مختومةً بالألفاظ الأخوية كـ أخوك أو محبك أو من أحب لك الخير, وما إلى ذلك.
الشقُّ الآخر الرسائلُ النصّية عبر جهاز الجوال, وهي لا تقل أهميةً عن الرسائل الورقية لكنها مقتولةٌ بالرتابةِ والروتين الممل, وهذا ملاحظ , و يمكنُ تفعيلها في عمليات الاصطيادِ بشكلٍ راقٍ و متقدم.
من ذلك: أن تكون الرسالةُ من إنشائك أنت حتى وإن كان أسلوبك بسيطاً, فما قَتَل هذه الوسيلة إلا الاعتماد على رسائل الآخرين أو الرسائل الجاهزة, مما يُشعر المتربي بأنها شيءٌ من المجاملة والروتين الذي لا يقدم ولا يؤخر, ومما يزيد الآصرةَ استعمالها في النصح و التوجيه, وكذا إرسال الرسائل إلى المتربي على حين فترة وانقطاع, كآخر الصيف, وعند طول سفره وبُعده , ولن ينسى لك هذا الوصال , والكلام يطول ...
6- التواصل مع بيت المتربي, وهو أسلوبٌ يحتضر وللأسف الشديد, قلما تجدُ مشرفاً تربوياً يتواصل مع بيت المتربي, وأقصدُ بالتواصل هنا, التواصلُ مع والده وإخوته سواءً كباراً أو صغاراً, فالأب تقوم بتهنئته في العيد برسالة مذيّلة باسمك بالإضافة إلى تحيّن الفرص التي تصادفه فيها عند الباب فتقوم بالسلام عليه