حتمية تفعيل دور الإخصائي الاجتماعي في المدارس
*******************************
يتمثل الدور الرئيس للإخصائي الاجتماعي المدرسي في العمل على
تحقيق أمرين:
**********
أولهما: تحقيق توافق الطالب مع واقع الحياة والبيئة المدرسية.
ثانيهما: وضع البرامج التي من شأنها تنمية الطالب اجتماعياً وسلوكياً.
ويتحقق توافق الطالب من خلال عدة أُسس، نذكر منها: استثمار طرق الخدمة الاجتماعية (فرد، جماعة، تنسيق) فيما يحقق تأهيل الطالب بما يمكنه من مواجهة معركة الحياة المعاصرة، وبما يهيئه لتوجيه قدراته وإمكاناته الشخصية والبيئية للحيلولة دون تردّيه في مهاوي التخلف الدراسي والاجتماعي.
ويستدعي ذلك تطوير برامج الخدمة الاجتماعية المدرسية حتى يمكن تحقيق ما هو مطلوب منها، ويتمثل هذا في إمكانية توفير سبل الرعاية الاجتماعية التي يمكن من خلالها المساهمة في حل مشكلات التوافق وصعوبات التعلُّم والظروف البيئية التي تعوق مسيرة الطالب العلمية وتوفيه من التردي في العلل والأمراض الاجتماعية وإرشاده لما يمكنه من تحسين نمط وأسلوب الحياة العامة وبما يتوافق مع مستجدات الواقع المعاصر.
مع الوضع في الاعتبار أن العلل والأمراض الاجتماعية تؤدي إلى صعوبة في التحصيل العلمي الواجب، وتؤثر في مسيرة التقدم الدراسي، وتحول دون التوافق الاجتماعي والتفاعل السوي مع علاقات التواصل الاجتماعي مع المكونات البيئية؛ مما يؤثر بالسلب في عوامل الصحة النفسية لدى الطالب وفي طرائق تحسين الأحوال الاجتماعية.
ويتوجب حينئذ على الإخصائي الاجتماعي أن يدعم - من خلال برامجه الخدمية - قيم التوافق والمعايير الاجتماعية لدى الطالب، وذلك لما لها من أثر فعال في مواجهة احتياجات الطالب النفسية والاجتماعية والتربوية الأساسية.
ومما يجدر ذكره أن المهام الأساسية للإخصائي الاجتماعي المدرسي تتمثل في:
- المشاركة في العمل البرامجي لتنمية قدرات الطالب بما يعينه على الاستفادة من الإمكانات المتوافرة لدى الطالب والبيئة معاً.
- تذليل أية صعوبات قد تعترض طريقه الأكاديمي والعلاقي.
- التوجيه لجهات تقديم العون المادي لمن تتطلب حالته من الطلاب مثل هذا العون.
- تقديم العون المعنوي الذي يعين الطالب على إمكانية الاستفادة من قدراته التي تمكنه من خدمة نفسه بنفسه، وذلك عن طريق التأثير في أفكاره واتجاهاته وقيمه، ودعم مفهومه لذاته حتى يكون مفهوماً إيجابياً (الوعي بالذات والسمو بها).
- تقديم العون البيئي للتمكن من الاستفادة من الموارد البيئية المتاحة والممكنة والعمل على التعديل فيها لصالحه.
وهذا يدعو القائمين على جهاز الخدمة الاجتماعية المدرسية إلى أن يقوموا بتحديد أسس ومبادئ وأخلاقيات ومواصفات لدور الإخصائي الاجتماعي المدرسي مع الوضع في الاعتبار أن دور الإخصائي الاجتماعي دور مهاري تطبيقي، ولم يكن دوراً روتينياً تقليدياً؛ فهو ينهض على مجموعة من القواعد المدروسة والمصمّمة على أسس علمية تستند إلى مهارة وخبرة مبنية على الاستعداد والرغبة في ممارسة المهنة التي يمكن صقلها بالتأهيل والتدريب.
وهذا ما حدا بالمسؤولين عن قطاع التعليم أن يقوموا بتحويل معاهد الخدمة الاجتماعية سابقاً إلى كليات جامعية لها سياساتها التربوية واستراتيجياتها ومناهجها وبرامجها التنفيذية المخططة تخطيطاً علمياً راقياً؛ فهي ترمي لا لبذل جهود وأعمال استهلاكية، بل لها دلالتها ونتائجها الاقتصادية؛ مما يحيلها عاملاً مهماً من عوامل التنمية الاقتصادية والاجتماعية المهمة؛ حيث إنها تزيد من تدعيم الطاقة الفاعلة في المجتمع.
وعلى الرغم من هذا الجهد الصادق المبذول في تأهيل الإخصائي الاجتماعي من خلال تطوير المؤسسات العلمية التي تُعنى بتأهيله الأكاديمي والتطبيقي - ولعله لا يوجد فجوة بينهما - فقد سبقتنا دول كثيرة حققت إنجازات كبيرة في هذا الميدان، المهم أننا قادمون للحاق بركب التقدم في هذا الميدان الخدمي، المهم أن نعرف طريقنا ونصحّح مسيرتنا أولاً بأول، وأن نسدّ الثغرات ونحدّد نقاط الانطلاق إلى تحقيق الأهداف المرسومة لهذا المجال الخدمي. ويأتي ذلك من خلال أمرين:
-الاول: أن نقتنع بأهمية الخدمة الاجتماعية المدرسية.
- والثاني: زيادة نسبة الإنفاق المخصصة لمجال الخدمة الاجتماعية، فلا سلامة لهذا المجال إلا بالاهتمام به، وزيادة عوامل النجاح فيه، والارتفاع بجودة هذا المجال الخدمي مما يطلبه الأفضلية والتفوق لعلاقته بمستويات التحصيل المدرسي والنجاح فيه؛ فالتفوق في مجال الخدمة الاجتماعية المدرسية لا يخلق نجاحاً مدرسياً ملحوظاً بنسبة عالية.
وهذا يوضح بجلاء أهمية الإخصائي الاجتماعي في المجال المدرسي، وأهمية الدور الذي يضطلع به وفقاً لما ذكر من مهام، تبرز أولاها في المساهمة الفاعلة في صقل قدرات الطالب، وتوجيه استجاباته، وتهذيب دوافعه، وشحذ طاقاته، وتنظيم تفاعلاته، ودعم معاييره القيمة المرغوب فيها.. وغيرها من مهام ذات صلة بمكوّن الشخصية.
ولذا فنحن نهيب بالإدارة المدرسية عدم التقليل من أهمية المهنية والتجاوز فيها، وألا يغرقوا الإخصائي الاجتماعي بأعمال إدارية تخرج عن نطاق الوظيفة، وتباعد بينها وبين إبداعات الدور وما ينتج عنه من سلوكيات؛ مما يدخله في صعوبات ومشكلات وتوترات تؤثر بالسلب في طبيعة المهنة وما يُحاط بها؛ مما يدفع البعض للعزوف عن الانتماء إليها أو الارتباط بها، وذلك لعدم الاستبصار بأهمية المهنة ومتطلباتها وأبعادها، والسعي الحثيث للتمييز بينها وبين مهامّ وواجبات الإشراف الفني والتربوي والإداري والإرشاد الطلابي؛ فلكلّ استراتيجيته والتأهل الأكاديمي له.
ويتوجب علينا أن نرفع صيحة: أعيدوا للمهنة رونقها وهيبتها، كما يستشعر الإخصائي الاجتماعي بأهميته فيتحقق له الرضى الوظيفي، واستقامة المقصد، واستشراق المستقبل، والإخلاص في الأداء، والأخذ بالمبادرة التي تحقق الأمل وتدفع إلى المشاركة الفاعلة في بناء صرح النهضة المأمولة.