عدد الرسائل : 262 العمر : 57 نقاط : 777 تاريخ التسجيل : 01/01/2010
موضوع: الآثار المترتبة على الأخلاق الحسنة الثلاثاء 23 فبراير 2010, 1:29 pm
الآثار المترتبة على الأخلاق الحسنة
من الآثار العظيمة التي تترتّب على حسن الخلق :
الأثر الأوّل : تكامل الإيمان : ذلك لأنّ الدين الإسلامي في نظر أهل البيت ( عليهم السلام ) ليس مجرد علاقة بين العبد وربّه ، وإنّما هو علاقة بين العبد وبين أخيه العبد ، ولم تتم علاقة الإنسان مع ربّه لم تقبل أعماله وعباداته إلاّ إذا تمّت علاقة مع أخيه الإنسان .
عن الإمام الباقر ( علية السلام ) : ( إنّ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) .
وفي الخبر ذكرت امرأة عند الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) وأحسن الثناء عليها من جهة صيامها وقيامها ، فقال الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : ( كيف تعاملها مع جيرانها ) ؟ قيل : هي امرأة تسب وتشتم ! فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا حاجة لله في قيامها وصيامها ) .
وفي خبر آخر سمع الرسول ( صلى الله عليه وآله ) في نهار رمضان امرأة تشتم جاريتها أو جارتها ، فدعا بطعام وقال لها : ( كلي ) ، قالت : يا رسول الله ، كيف آكل وأنا صائمة ! فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( وكيف تكوني صائمة وقد شتمتِ جارتك ) !
يقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( من أراد أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل ، فلينظر هل منعته عن الفحشاء والمنكر ، فبقدر ما تمنعه تقبل منه ) .
الأثر الثاني : مضاعفة الحسنات وغفران السيئات : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنّ صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم ) .
وعنه ( صلى الله عليه وآله ) : ( ما يوضع في ميزان أمرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق ) .
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ما تقدّم المؤمن على الله عز وجل بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله تعالى من أن يصنع الناس بخلقه ) ، وعنه ( عليه السلام ) : ( إنّ الخلق الحسن ليميت الخطيئة كما تميت الشمس الجليد ) .
الأثر الثالث : السعادة الأبدية من خلال الفوز بالجنّة والنجاة من النار : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( أكثر ما تلج به أمّتي الجنّة تقوى الله وحسن الخلق يعمّران الديار ويزيدان في الأعمار ) .
وجاء في الأثر أنّ الله تعالى أدخل كافراً الجنّة لأنّ أربعين رجل شهدوا له بحسن الخلق .
وقد قال العارفون قديماً : حسن الخلق حسنة لا تضر معها كثرة السيئات ، وسوء الخلق سيئة لا تنفع معها كثرة الحسنات .
والسؤال الذي نحاول الإجابة عليه من خلال هذه السطور المتواضعة : لماذا تترتّب على الأخلاق الحسنة مثل هذه الآثار العظيمة ؟ إنّه ومن خلال معرفة قيمة الأخلاق في نظر الإسلام يتجلّى لنا الجواب الأمثل على هذا السؤال ، ففي نظر الدين الإسلامي لا تشكّل الأخلاق الحسنة جانباً مهمّاً من جوانب الدين فحسب ، وإنّما هي تشكّل العمق والواقعية .
لماذا بعث الرسول ؟ ولماذا أنزل القرآن ؟ ولماذا ختمت الشرائع بشريعة الإسلام ؟ الجواب : يقول الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق ) .
وفي رواية : جاء رجل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من بين يديه فقال : يا رسول الله ما الدين ؟ فقال : ( حسن الخلق ) ، ثمّ أتاه من قبل يمينه فقال : يا رسول الله ما الدين ؟ فقال : ( حسن الخلق ) ، ثمّ أتاه من قبل شماله فقال : يا رسول الله ما الدين ؟ فقال : ( حسن الخلق ) ... ، وفي الخبر : الدين المعاملة .
فالدين الإسلامي وإن تركّب من أصول تشكِّل جانب الاعتقاد ، وفروع تشكّل جانب العمل ، إلاّ أنّه في نظر أهل البيت ( عليهم السلام ) ينصهر مع حقيقة واحدة ، وهي حقيقة الخلق الحسن والنبيل .
الخلق الحسن الذي يمكن أن يظفر به الإنسان في علاقته مع الله تعالى من خلال معرفته ومعرفة صفاته وأسمائه ، ومن خلال الالتزام بتطبيق جميع أوامره ونواهيه ، وفي علاقته مع الناس من خلال ترك جمع الصفات السيّئة والاتصاف بجمع الصفات النبيلة والفاضلة .
رحابة التعاليم الأخلاقية : ولأنّ الأخلاق الحسنة تشكّل عمق الدين ، والتعاليم الإسلامية تحث المسلم نحو حسن الخلق ليس مع إخوانه المسلمين فحسب ؛ بل حتّى مع المخالفين له في المنهج والاعتقاد ، يقول الله تعالى : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة : 8 .
ويقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( ألا ومن ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلّفه فوق طاقته ، أو أخذ منه شيئاً على غير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة ) .
وجاء في عهد الإمام علي ( عليه السلام ) : ( وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبّة لهم ، واللطف عليهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، وإمّا نظير لك في الخلق ) .
ويقول ( عليه السلام ) : ( يا مالك ، الناس ينقسمون إلى قسمين :
القسم الأوّل : وهم الذين يتّفقون معك في الفكر والعقيدة ، وعليك أن تحترمهم وتقدرّهم لوحدة الفكر والهدف .
القسم الثاني : وهم الذين يختلفون معك في العقيدة ، وعليك أن تحترمهم وأن لا تعتدي عليهم ، لأنّهم بشر يملكون مشاعر وأحاسيس ، فهم وإن اختلفوا معك في الاعتقاد إلاّ أنّ هذا الاختلاف يجب أن لا يكون مسوقاً لسوء الخلق ) .