الطائرة بجنيهين - قصة قصيرة

الطائرة بجنيهين
كنت كلما أراهُ فوق سطوح بيتهم، أوفي وسط الحقول مع أخيه الصغير، وكل منهما يُمسكُ بإحدى يديهِ بكرةَ خيطٍ كبيرةٍ، وطائرةً مصنوعة من ورقِ الشفافِ الملوّنِ أتمنى لو لديَّ واحدة مثلها،ألعبُ بها وأتفاخر أمامَ أصدقائي !
فقلتُ لأبي:أريدُ طائرةً كهذهِ.....،فصرخَ في وجهي صرْخةً عنيفةً وكأنّهُ أسدٌ يزأرُ قائلاًطيارة ورق،خلاص انت اللي هتحرر الأرض المحتلة!!) فخرجتُ من أمامه باكياً،وبعد صلاةِ العصرِ ذهبتُ ل"ميخائيلِ" وقلتُ له: أُريدُ طائرةً كهذهِ التي معكَ،فقال لي وهو الحريصُ الحذرُ:بثلاثةِ جنيهات! فقلتُ لهُ إنّ أبي رفضَ أنْ يعطيني شيئاً، فهل لي أنْ ألعبَ معكَ ؟فرفضَ؛ لأنهُ كان يصنعُها هو وأخوهُ،ويبيعانها للأطفال وذات مرةٍ جلستُ بجوارهما أشاهدهما وهما يُطيّران طائرتيهما، ليغريا بهما الأطفالَ ليُقبلوا على الشراءِ منهما،فسقطتْ إحداهما،وأرادَ "ميخائيلُ" إصلاحَها وساعدَهُ أخوه ُ"مجدي"،وسمعتُهُ يوجّههُ قائلاً:اجعلْ جناحيها متساويين
في الطولِ واربطْ الخيطَ بين ثلثِ وثُلُثي البوصتين؛لكي تتوازن فلا تسقطُ مرّةً أُخرى،ثمّ أحكم الرّباطَ جيدا،وأطلْ ذيلَها قليلاً،والصق ورق الشفافِ بعنايةًٍ فلا يُمزّقُهُ الهواءُ ..فتركْتُهما ومضيتُ كمن عثُرَ على كنزٍ أبحثُ عن عودٍ من البوصِ الجافِّ،وبعضِ أوراقِ الجرائدِ القديمةِ،وأخذتُ جُنيهاً من ابنِ عمٍ لهما كان صديقاً لي،واشتريتُ بهِ خيطاً، وصنعتُ طائرتين:طائرة له وطائرة لي،ولعبنا معاً،يُصارعُ كلٌّ منا الآخر،ويُنافسهُ، وحينما رأى الأطفالُ أنني صنعتُ طائرةً لصديقي بجنيهٍ واحدٍ،فجاءوا يشترونها مني بجنيهين على أن تكون مصنوعةً من ورقِ الشفافِ بدلاً من أنْ يشتروها بثلاثة جنيهات،واستطعتُ صُنعَ طائراتٍ بأشكالٍ مختلفةٍ وصواريخَ ونجوم،وكنتُ أُطلِقُ عليها أسماءً عديدةً كي تلقى رواجاً بين أبناءِ قريتي حتى امتلأت جيوبي بالجنيهات،وفرحَ أبي لتفوقي وقدرتي على صُنعِ لُعْبتي بنفسي ! ــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــ
أمنياتى * السيد جلال