[right]
هل يؤثر العنف التربوي في دماغ الطفل ؟
تبين الدراسات الجارية في نمو الدماغ اليوم أن العنف التربوي يؤثر في عملية نمو الدماغ واستقراره وقد يصل هذا التأثير إلى مستوى تدمير الدماغ وشل القدرة العقلية لدى الأطفال ضحايا العنف التربوي وهذا يتوقف بالطبع على درجة العنف التي يتعرض لها الطفل
فالطفل يتميز بعجزه الفطري بعد ولادته مباشرة ولا يستطيع أن يستمر في الوجود من غير العناية والرعاية اللتين يوفرهما له الكبار كما أنه يحتاج إلى وقت طويل من التربية والإهتمام ليتمكن في النهاية من الإمتلاك التدريجي للقدرة على التكيف في أدنى مستوياته
فالآباء والأمهات حين يغدقون محبتهم ورعايتهم على الطفل وعندما يقرأون له حكاياته المفضلة ويتواصلون معه بمختلف الصيغ والأشكال الإنسانية فإنهم يسهمون في عملية تنمية دماغ الطفل وعقله بصورة إيجابية وعلى العكس إذا كانت علاقة الطفل بأبويه تقوم على التخويف والقمع والإرهاب وغير ذلك من أشكال الإتصال السلبية فإن عقل ودماغ الطفل يتباطـأ في عملية نموه ونمو دماغه سيكون في الحدود الدنيا للنمو الحقيقي فتضعف قدرات مخ الطفل ولا يستطيع بناء علاقات مع الوسط التربوي الذي يحتضنه ويحيط به
وكما يقول عالم الأعصاب أنطونيو داماسيو إن اضطرابات النظام الدماغي يمكنها أن تؤدي إلى تعطيل وظائف الدماغ حتى أن بعض الإضطرابات الخفيفة قد تؤدي إلى اضطرابات خطرة في مستوى الحياة الذهنية وكما يعلن د. جوزيف لودو وهو أحد علماء الأعصاب الدماغية إن أي تغيرات طفيفة في طبيعة التحولات الكهرومغناطيسية قد تؤدي إلى اختلاف في سلوك الكائن الإنساني فالعدد الكبير من الأحداث المؤلمة تلعب دورا خطيرا في تشكيل الحياة الإنسانية لدى الطفل
عندما يتعرض الطفل للعدوان من مصدر أمنه
في المثل الشعبي (حاميها حراميها )فالأب والأم يشكلان من حيث الجوهر حماة الطفل ومصدر استقراره وملاذه وعندما يتعرض للعنف من قبل الأبوين فهذا يعني أن الطفل خسرآخر معاقله الوجودية فهو ليس معد نفسيا وفطريا لقبول أو تحمل هذة الكارثة وبالتالي تتحول هرمونات الإكتئاب إلى قوة تفتك بالجسد فتهجم على النظام العصبي وتلحق به أشد الضرر ويفقد النظام المناعي تواصله الفعال مع الدماغ وهو بذلك يجعل الجسد إزاء مخاطر المرض والإنهيار .
إن الإمتناع عن ممارسة أي صيغة من صيغ العنف يمكن أن تساعد على تنمية عقول الأطفال وأدمغتهم وحياتهم العاطفية في المستقبل وهو ما يشكل برنامج عمل لعدد من المنظمات الدولية والتربوية لإيجاد صيغة دولية يتم فيها منع استخدام العنف التربوي في مختلف البلدان والمجتمعات الإنسانية المعاصرة . د.علي أسعد وطفة جامعة الكويت
مجلة العربي يناير 2010