عدد الرسائل : 383 نقاط : 703 تاريخ التسجيل : 29/11/2008
موضوع: عهد محمد لتأمين النصارى الجمعة 14 يناير 2011, 4:47 am
وثيقة من عهد الرسول تؤمّن النصارى
طبقاً لتعاليم الإسلام السمحة أعطى رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) عهد أمان للنصارى يؤمنهم فيه على أرواحهم وأموالهم وبيعهم وهو ما يعرف بالعهدة النبوية والمحفوظ صورة منه بمكتبة دير القديسة كاترين ، بعد أن أخذ السلطان سليم الأول النسخة الأصلية عند فتحه لمصر 1517م وحملها إلى الأستانة وترك لرهبان الدير صورة معتمدة من هذا العهد مع ترجمتها للتركية وهذه مقتطفات من العهد
( بسم الله الرحمن الرحيم )
هذا كتاب كتبه محمد بن عبد الله إلى كافة الناس أجمعين بشيراً ونذيراً ومؤتمناً على وديعة الله فى خلقه لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً كتبه لأهل ملته ولجميع من ينتحل دين النصرانية من مشارق الأرض ومغاربها قريبها وبعيدها فصيحها وعجميها معروفها ومجهولها كتاباً جعله لهم عهداً فمن نكث العهد الذى فيه وخالفه إلى غيره وتعدى ما أمره كان لعهد الله ناكثاً ولميثاقه ناقضاً وبدينه مستهزئاً وللّعنة مستوجباً سلطاناً كان أو غيره من المسلمين المؤمنين- لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا حبيس من صومعته ولا سايح من سياحته ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم ولا يدخل شئ من بناء كنايسهم فى بناء مسجد ولا فى منازل المسلمين فمن فعل شئ من ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله ولا يحمل على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبد جزيةً ولا غرامة وأنا أحفظ ذمتهم أين ما كانوا من بر أو بحر فى المشرق والمغرب والشمال والجنوب وهم فى ذمتى وميثاقى وأمانى من كل مكروه - ولا يجادلوا إلاّ بالتى هى أحسن ويحفظ (ويخفض) لهم جناح الرحمة ويكف عنهم أذى المكروه حيث ما كانوا وحيث ما حلوا - ويعاونوا على مرمّة بيعهم وصوامعهم ويكون ذلك معونة لهم على دينهم وفعالهم بالعهد ".
وكتب على بن ابى طالب - كرم الله وجهه - هذا العهد بخطه فى مسجد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وشهد بهذا العهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم ابو بكر بن ابى قحافه ، عمر بن الخطاب ، عثمان بن عفان ، على بن أبى طالب ، عبد الله بن مسعود ، العباس بن عبد المطلب ، الزبير بن العوام ، رضي الله عنهم جميعا ، جاء العهد حين أرسل النبى محمد (صلّى الله عليه وسلم) كتبه فى السنة السابعة للهجرة 628 – 629م إلى الملوك والأمراء مثل كسرى وقيصر والمقوقس نائب الرومان فى مصر يدعوهم للإسلام ، ومعلوم أن الملك المقوقس أكرم رسول النبى وزوده بالهدايا إلى النبى وليس لرسول النبى طريق مختصر إلى مصر سوى طريق سيناء المار يالدير فمن المعقول جداً أن يكون الرسول الذى أرسله النبى قد مرّ بدير سيناء ذهاباً وإياباً وأن رهبان سيناء قد احتاطوا لأنفسهم وأرسلوا معه وفداً يطلع النبى على حال ديرهم ويطلب منه العهد تأميناً للطريق وصيانة لديرهم ومصالحهم هذا من جهة الرهبان وأما النبى محمد (صلّى الله عليه وسلم) فمن المؤكد أن يكون قد أعطاهم العهد وأمّنهم وأوصى بهم خيراً للأسباب الآتية:
1 – أن دير طور سيناء (دير سانت كاترين فيما بعد) هو فى طريق مصر من بلاد العرب ومن مصلحة العرب كما هو من مصلحة الرهبان تأمين الطريق إلى مصر.
2 – ان التاريخ يدلّنا أن النبى قد حبب إليه النسك والزهد وكان كثيراً ما يذهب إلى غار حراء قرب مكة ليتعبد ويذكر الله فيه حتى بعث للناس بشيراً ونذيراً لذلك كان يميل إلى الرهبان والنسّاك ويوصى بهم خيراً.
( لتجدنّ أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدّن أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون ) سورة المائدة آية 82 وقد ورّث النبى هذا الميل لخلفائه من بعده.
3 – لقد جرت عادة النبى وخلفائه من بعده إعطاء العهود للنصارى ومعاملتهم بروح التسامح من ذلك عهد النبى لأهل أيلة، عهد النبى لأهل أذرح ومقنا، عهد خالد بن الوليد لأهل القدس، عهد أبى عبيدة لأهل بعلبك، عهد عبد الله بن سعد لعظيم النوبة.
4 – أن رهبان طور سيناء قد سكنوا أرضاً يقدسها اليهود والنصارى والمسلمون والوثنيون على السواء ، كما أن النبى زار طور سيناء بنفسه فى رحلة الإسراء وترك فيه أثراً لقدمه وقد ذكر طور سيناء فى القرآن الكريم لذلك من المستبعد أن يخيّب رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) طلب سكانه ولا سيما الرهبان والنسّاك الذين كان من طبعه الميل إليهم مع انه أعطى العهد لجيرانهم أهل أيلة.
5 – أن سلاطين المسلمين أقرّوا هذه الامتيازات المبينة فى العهدة النبوية وذكروها فى فرماناتهم ومنشوراتهم لمطارنة الدير بل ذكروا إنما أعطوهم هذه الامتيازات بناءاً على العهد الذى أخذوه عن النبى وأيده الخلفاء الراشدون.
6 – أنه لا يعقل أن قوماً مستضعفين كرهبان سيناء يقدمون فى وسط بلاد إسلامية على اختلاق عهد عن لسان نبى الإسلام لا أصل له ويطلبون فيه من السلاطين المسلمين الامتيازات الجمة بل لو أقدم رهبان سيناء على مثل هذا العمل فلا يعقل أن سلاطين المسلمين من عهد الخلفاء الراشدين إلى هذا العهد يقرّون رهبان سيناء على ما اختلقوه ويمنحوهم من الامتيازات ما فيه خسارة لبيت المال بدون تثبّت أو تحقيق عن الأصل .
وأرى أن هذه العهدة صحيحة لأنها تتفق مع تعاليم الإسلام السمحة والذى شهد بها أيضا كثير من مؤرخى الشرق والغرب الغير مسلمين ومنهم على سبيل المثال لا الحصر المؤرخ أماندوس ومن أقواله (لم يكن فى الإمكان إنقاذ دير سيناء بغير حماية النبى محمد (صلّى الله عليه وسلم) وخلفاؤه ويذكر سومرز كلارك أن العربى لم يدخل مكتسحاً كل شئ سابق عليه لذلك بدأ فن بناء الكنائس فى الانتعاش ويذكر جريفز أنه منذ الفتح الإسلامى كان يرد للدير رحّالة بأعداد متزايدة و لم يصب الدير بأى أذى ويذكر جالى لقد أبدى المسلمون تسامحاً تجاه الدير أكثر من المسيحيين ويذكر توماداكس أن المسلمون احترموا الدير والرهبان وحموا الرهبان من أى خطر وأعفوهم من الضرائب واعتبر الخلفاء المسلمون عهد الأمان بالدير نبراساً لهم لإعطاء عهود مماثلة واعتبر الأتراك أن هذه سنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام واجب اتباعها واستمرت الحياة الروحية داخل الدير فى العهد الإسلامى و بعد فتح مصر أعطى عمرو بن العاص المسيحيين أماناً جاء فيه:
(هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وبرهم وبحرهم لا يدخل عليه شئ ولا ينتقص ) وكان دائما يوصى فى خطبه المسلمين بمراعاة الأقباط والمحافظة على حسن جوارهم قائلاً لهم (استوصوا بمن جاورتموه من القبط خيراً ) .