نار الشارع ولا جنة مدارسكم!
كتبت ـ دعاء خليفة:
أنا نفسى ومنى عينى أدخل المدرسة علشان آخذ شهادة ومحدش يعايرنى بس مش المدرسة دى، هذا ما قاله يوسف 11 سنة لعلا سيد، الإخصائية الاجتماعية فى جمعية الخدمات المتكاملة للأطفال، فى ظروف صعبة التى تخدم منطقة بولاق الدكرور، الهرم وزنين.
يوسف هو أحد الأطفال الذين يقضون يومهم وأحيانا الليل في الشارع نتيجة لظروف أسرهم.
وبعد أن بذلت علا مجهودا معه هو وأسرته لاقناعه بالعودة مرة أخري للمدرسة التي ابتعد عنها سنوات, تركها بعد أربعة أيام.
يوسف ترك مدرسة أم القري في منطقة صفط اللبن بسبب سوء معاملة المدرسين بداية من استقبال المدرس له بقوله يده ح يدخل الفصل عندي!! إلي الضرب والتهديد إذا لم يحصل علي دروس خصوصية. وذلك علي الرغم من انتظام يوسف في المدرسة الصديقة التي تقدم الجمعية خدماتها.
يوسف, طه, غادة, هانم, وفاطمة أطفال من11 إلي14 سنة, يفضلون قسوة الشارع أو الأعمال المهمشة أو القاسية التي تفوق قدراتهم الصغيرة علي الذهاب إلي مدارس أصبحت مكدسة بالكثير من المشكلات.
أمهات غادة وهانم وفاطمة يرفضن إعادة بناتهن للمدرسة خوفا من التعرض للاعتداء, خاصة بعد أن سمعن أن إحدي الطالبات اعتدي عليها مدرسها في مدرسة بصفط اللبن وتم التكتم علي الواقعة.
مشكلات كثيرة تفشل معها كل محاولاتنا كما تقول, مروة أحمد, الاخصائية لإعادة هؤلاء الصغار المتسربين وذوي الظروف الصعبة إلي المدارس.
وكيف يحدث ذلك والمدرس يطلب من طلبته في بداية الدراسة أن ينقسموا: يمينا من سوف يأخذون درسا, إلي الشمال من سوف ينضمون إلي المجموعات الدراسية, بينما يجلس الآخرون بالخلف. أساليب من القهر جعلت أحد الأطفال يسرق مائة جنيه من صاحب العمل حتي يستطيع حفظ ماء وجهه بين أقرانه ودفع فلوس المجموعة.
تقول علا سيد, إخصائية تعليم مجتمعي في المدرسة الصديقة بزنين: هنا المدرسة الصديقة تساعدهم علي التغلب علي ظروفهم الصعبة, اقناع أهلهم بأهمية التعليم حتي ولو علي حساب ساعات يقتطعها الطفل من عمله, وتوفر لهم تعليما أوليا, ولكن للأسف بدون شهادات توضح للأهل, المرحلة التعليمية التي اجتازها الطفل. وتضيف أنه بسبب ذلك فكرنا في إلحاقهم بمدارس نظامية, وهنا بدأ يواجهنا سيل من المشكلات. حتي إن معظم من الحقناهم تركوا مدارسهم بعد أقل من أسبوع, وذلك رغم أن من بينهم طلبة ظهر نبوغهم وتفوقهم بعد انتظامهم في المدرسة الصديقة مثل سيد الذي يفضل اليوم, كما يقول, العمل حتي منتصف الليل بأجر زهيد علي الانتظام في مدرسة طاردة, مدرسة هي بالنسبة لهم مصدر للقهر, الضغوط, وعدم الأمان.
وتتساءل: كيف يمكن أن نعيد للمدارس دورها التربوي قبل التعليمي, لنستطيع اقناع أطفال الشارع أن المدارس أقل خطرا وأكثر رحمة من حياة الأسفلت.
يوسف يعيد الكتب إلى الإخصائية رافضاً العودة للمدرسة النظامية