عدد الرسائل : 383 نقاط : 703 تاريخ التسجيل : 29/11/2008
موضوع: لغة القرآن الثلاثاء 08 سبتمبر 2009, 11:47 am
[بسم الله الرحمن الرحيم أصدقائى وإخوانى الأعزاء نظرا لأهمية اللغة العربية التى هى لغة القرآن ،سأقدم لكم اليوم أحد الكتب المختصة بإعراب القرآن الكريم وهى مقدمة الجزء الأول من كتاب (إملاء ما من به الرحمن......) على أن أرفع تباعا ما أستطيعه من هذا الكتاب ،وأدعو الله أن يفيد الجميع منها وهذه بداية الكتاب واسم المؤلف إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن تأليف أبي البقاء عبدالله بن الحسين بن عبدالله العكبري(538 - 616 ه) بسم اللّه الرحمن الرحيم قال الشيخ الامام العالم محب الدين أبو البقاء عبدالله بن الحسين بن عبدالله العكبري رحمه الله تعالى، ورحم أسلافه بمحمد وآله وأصحابه وأنصاره: الحمد لله الذى وفقنا لحفظ كتابه، وأوقفنا على الجليل من حكمه وأحكامه وآدابه، وألهمنا تدبر معانيه ووجوه إعرابه، وعرفنا تفنن أساليبه من حقيقته ومجازه وإيجازه وإسهابه، أحمده على الاعتصام بأمتن أسبابه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مؤمن بيوم حسابه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبرز في لسنه وفصل خطابه، ناظم حبل الحق بعد انقضابه، وجامع شمل الدين بعد انشعابه، صلى الله عليه وآله وأصحابه، ما استطار برق في أرجاء سحابه، واضطرب بحر بآذيه وعبابه. أما بعد: فإن أولى ما عنى باغى العلم بمراعاته، وأحق ما صرف العناية إلى معاناته. ما كان من العلوم أصلا لغيره منها، وحاكما عليها ولها فيما ينشأ من الاختلاف عنها، وذلك هو القرآن المجيد، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وهو المعجز الباقي على الابد، والمودع أسرار المعاني التى لا تنفد، وحبل الله المتين، وحجته على الخلق أجمعين. فأول مبدوء به من ذلك تلقف ألفاظه عن حفاظه، ثم تلقى معانيه ممن يعانيه، وأقوم طريق يسلك في الوقوف على معناه، ويتوصل به إلى تبيين أغراضه ومغزاه، معرفة إعرابه واشتقاق مقاصده من أنحاء خطابه، والنظر في وجوه القرآن المنقولة عن الائمة الاثبات. والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة جدا، مختلفة ترتيبا وحدا، فمنها المختصر حجما وعلما، ومنها المطول بكثرة إعراب الظواهر، وخلط الاعراب بالمعانى، وقلما تجد فيها مختصر الحجم كثير العلم، فلما وجدتها على ما وصفت، أحببت أن أملى كتابا يصغر حجمه يكثر علمه، أقتصر فيه على ذكر الاعراب ووجوه القراءات، فأتيت به على ذلك، والله أسأل أن يوفقنى فيه لاصابة لصواب، وحسن القصد به بمنه وكرمه.
إعراب الاستعاذة (أعوذ) أصله أعوذ بسكون العين وضم الواو مثل أقتل، فاستثقلت الضمة على الواو فنقلت إلى العين وبقيت ساكنة، ومصدره عوذ وعياذ ومعاذ، وهذا تعليم، والتقدير فيه: قل أعوذ. (والشيطان) فيعال من شطن يشطن إذا بعد، ويقال فيه شاطن وتشطين، وسمى بذلك كل متمرد لبعد غوره في الشر، وقيل هو فعلان من شاط يشيط إذا هلك فالتمرد هالك بتمرده، ويجوز ان يكون سمى بفعلان لمبالغته في إهلاك غيره، و (الرجيم) فعيل بمعنى مفعول: أى مرجوم بالطرد واللعن، وقيل هو فعيل بمعنى فاعل: أى يرجم غيره بالاغواء. إعراب التسمية الباء في (بسم) متعلقة بمحذوف، فعند البصريين المحذوف مبتدأ والجار والمجرور خبره، والتقدير ابتدائى بسم الله، أى كائن باسم الله فالباء متعلقة بالكون والاستقرار، وقال الكوفيون: المحذوف فعل تقديره ابتدأت أو أبدأ فالجار والمجرور في موضع نصب بالمحذوف وحذفت الالف من الخط لكثرة الاستعمال، فلو قلت لاسم الله بركة أو باسم ربك أثبت الالف في الخط، وقيل حذفوا الالف لانهم حملوه على سم وهى لغة في اسم، ولغاته خمس: سم بكسر السين وضمها، واسم بكسر الهمزة وضمها، وسمى مثل ضحى، والاصل في اسم سمو، فالمحذوف منه لامه، يدل على ذلك قولهم في جمعه أسماء وأسامى، وفى تصغيره سمى، وبنوا منه فعيلا فقالوا: فلان سميك أى اسمه كاسمك، والفعل منه سميت وأسميت، فقد رأيت كيف رجع المحذوف إلى آخره. وقال الكوفيون: أصله وسم لانه من الوسم وهو العلامة، وهذا صحيح في المعنى فاسد اشتقاقا. فإن قيل: كيف أضيف الاسم إلى الله، والله هو الاسم؟ قيل: في ذلك ثلاثة أوجه: أحدهما أن الاسم هنا بمعنى التسمية، والتسمية غير الاسم، لان الاسم هو اللازم للمسمى، والتسمية هو التلفظ بالاسم، والثانى أن في الكلام حذف مضاف تقديره باسم مسمى الله، والثالث أن اسم زيادة، ومن ذلك قوله: * إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * وقول الآخر: * داع يناديه باسم الماء * أى السلام عليكما ونناديه بالماء [5] والاصل في الله الالاه، فألقيت حركة الهمزة على لام المعرفة، ثم سكنت وأدغمت في اللام الثانية ثم فخمت إذا لم يكن قبلها كسرة، ورققت إذا كانت قبلها كسرة، ومنهم من يرققها في كل حال، والتفخيم في هذا الاسم من خواصه. وقال أبوعلي: همزة إلاه حذفت حذفا من غير إلقاء، وهمزة إلاه أصل وهو من أله يأله إذا عبد، فالاله مصدر في موضع المفعول أى المألوه وهو المعبود، وقيل أصل الهمزة واو لانه من الوله فالاله تتوله إليه القلوب: أى تتحير، وقيل أصله لاه على فعل، وأصل الالف ياء لانهم قالوا في مقلوبه لهى أبوك، ثم أدخلت عليه الالف واللام (الرحمن الرحيم) صفتان مشتقتان من الرحمة والرحمن من أبنية المبالغة، وفى الرحيم مبالغة أيضا إلا أن فعلانا أبلغ من فعيل، وجرهما على الصفة، والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف، وقال الاخفش: العامل فيها معنوى وهو كونها تبعا، ويجوز نصبهما على إضمار أعنى ورفعهما على تقدير هو.
سورة الفاتحة بسم اللّه الرحمن الرحيم الجمهور على رفع (الحمد) بالابتداء و (لله) الخبر واللام متعلقة بمحذوف أى واجب أو ثابت، ويقرأ الحمد بالنصب على أنه مصدر فعل محذوف، أى أحمد الحمد، والرفع أجود لان فيه عموما في المعنى، ويقرأ بكسر الدال إتباعا لكسرة اللام كما قالوا المعيرة ورغيف وهو ضعيف في الآية لان فيه إتباع الاعراب البناء، وفى ذلك إبطال للاعراب، ويقرأ بضم الدال واللام على إتباع اللام الدال، وهو ضعيف أيضا لان لام الجر متصل بما بعده منفصل عن الدال، ولا نظير له في حروف الجر المفردة إلا أن من قرأ به فر من الخروج من الضم إلى الكسر وأجراه مجرى المتصل، لانه لا يكاد يستعمل الحمد منفردا عما بعده، والرب مصدر رب يرب، ثم جعل صفة كعدل وخصم، وأصله راب وجره على الصفة أو البدل، وقرئ بالنصب على إضمار أعنى، وقيل على النداء، وقرئ بالرفع على إضمار هو (العالمين) جمع تصحيح واحده عالم، والعالم اسم موضوع للجمع ولا واحد له في اللفظ، واشتقاقه من العلم عند من خص العالم بمن يعقل، أو من العلامة عند من جعله لجميع المخلوقات، وفى (الرحمن الرحيم) الجر والنصب والرفع، وبكل قرئ على ماذكرناه في رب قوله تعالى (ملك يوم الدين) يقرأ بكسر اللام من غير ألف، وهو من عمر ملكه، يقال ملك بين الملك بالضم، وقرئ بإسكان اللام وهو من تخفيف [6] المكسور مثل فخذ وكتف، وإضافته على هذا محضة وهو معرفة، فيكون جره على الصفة أو البدل من الله، ولاحذف فيه على هذا، ويقرأ بالالف والجر، وهو على هذا نكرة، لان اسم الفاعل إذا أريد به الحال أو الاستقبال لا يتعرف بالاضافة، فعلى هذا يكون جره على البدل لا على الصفة، لان المعرفة لاتوصف بالنكرة، وفى الكلام حذف مفعول تقديره: مالك أمر يوم الدين، أو مالك يوم الدين الامر، وبالاضافة لى يوم خرج عن الظرفية، لانه لايصح فيه تقدير في، لانها تفصل بين المضاف والمضاف إليه، ويقرأ مالك بالنصب على أن يكون بإضمار أعنى أو حالا، وأجاز قوم أن يكون نداء، ويقرأ بالرفع على إضمار هو أو يكون خبرا للرحمن الرحيم على قراءة من رفع الرحمن، ويقرأ مليك يوم الدين رفعا ونصبا وجرا، ويقرأ ملك يوم الدين على أنه فعل ويوم مفعول أو ظرف، والدين مصدر دان يدين. قوله تعالى (إياك) الجمهور على كسرة الهمزة وتشديد الياء، وقرئ شاذا بفتح الهمزة، والاشبه أن يكون لغة مسموعة، وقرئ بكسر الهمزة وتخفيف الياء، والوجه فيه أنه حذف إحدى الياءين لاستثقال التكرير في حرف العلة، وقد جاء ذلك في الشعر، قال الفرزدق: تنظرت نصرا والسماكين أيهما * علي مع الغيث استهلت مواطره وقالوا في أما: أيما، فقلبوا الميم ياء كراهية التضعيف، وإيا عند الخليل وسيبويه اسم مضمر، فأما الكاف فحرف خطاب عند سيبويه لاموضع لها، ولاتكون اسما لانها لو كانت اسما لكانت إيا مضافة إليها والمضمرات لاتضاف، وعند الخليل هى اسم مضمر أضيفت إيا إليه، لان إيا تشبه المظهر لتقدمها على الفعل والفاعل ولطولها بكثرة حروفها، وحكى عن العرب: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب. وقال الكوفيون: إياك بكمالها اسم وهذا بعيد، لان هذا الاسم يختلف آخره بحسب اختلاف المتكلم والمخاطب والغائب فيقال: إياى وإياك وإياه. وقال قوم: الكاف اسم وإيا عماد له وهو حرف، وموضع إياك نصب بنعبد. فإن قيل: إياك خطاب والحمد لله على لفظ الغيبة، فكان الاشبه أن يكون إياه. قيل: عادة العرب الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة. وسيمر بك من ذلك مقدار صالح من القرآن.