سعادات حسين
عدد الرسائل : 305 العمر : 70 نقاط : 616 تاريخ التسجيل : 06/09/2009
| موضوع: تاهت ولقيناها الأربعاء 13 أكتوبر 2010, 5:58 pm | |
| الحل الأمثل لمشكلة الكتب الخارجية بقلم: د. محمد الجوادي
ها هي الحقائق تظهر وتتكشف حتي إن وزير التربية والتعليم الجريء يصرح بها جهارا نهارا, وها نحن قد أصبحنا جميعا ندرك أن توزيع الكتب الخارجية يمتد ليشمل كل طلاب المدارس وتلاميذها.
فهل آن الأوان لنأخذ برأي كاتب هذه السطور بأن تكف وزارة التربية والتعليم عن طباعة وإنتاج الكتاب المدرسي, وأن تركز في وضع معايير هذا الكتاب, ومواصفاته, ومحتويات المنهج, وسبل تناوله, وأن تجود في هذا المجال, وأن تترك للطلاب حرية اختيار أفضل الكتب المتاحة في السوق ؟ وأن تحول موازنة طباعة الكتب المدرسية التي تصل في الخطة الخمسية الي نحو خمسة عشر مليارا من الجنيهات لبناء المدارس الجديدة حتي نزيل من وجه التعليم المصري سبة الفترات المسائية التي فوجئنا بها تفرض نفسها في خريف عام2010, بما يتعارض كل التعارض مع البرنامج الرئاسي للرئيس محمد حسني مبارك, ولا شك في أن الموازنة التي ستنفق في السنوات القريبة القادمة علي طباعة كتب لا تستعمل كفيلة بإنقاذ مصر من أزمة نقص المباني التعليمية, وهي الأزمة المتراكمة التي بدأت منذ خمسين عاما مع انشغال الموازنات والانفاق العام بالحروب, ولاتزال قائمة حتي يومنا هذا, علي الرغم من الجهود غير المنكورة طيلة تسعينيات القرن الماضي علي يد الرئيس مبارك نفسه, وعلي يد الدكتور عاطف صدقي, والدكتور حسين كامل بهاء الدين, وهيئة الأبنية التعليمية. ومن الجدير بالذكر أن هذا الذي أدعو إليه ليس بدعا, ولا عجبا, ولا خروجا علي المألوف, ولا علي القواعد, بل إن كثيرا من الدول, ومنها دول شقيقة ومجاورة, قد أخذت به وتمكنت من خلاله من النهوض بمستوي الكتاب المدرسي الي حدود فاقت كل التصور, وليس عندي شك في أن المؤسسات الصحفية القومية التي تتولي طباعة الكتب المدرسية الآن, تملك كل وسائل النجاح والتفوق في سوق الكتب المدرسية.. إخراجا.. وإنتاجا, وقد حدث بالفعل( منذ عامين) أن دخلت بعض هذه المؤسسات مسابقات محدودة لإنتاج الكتب المدرسية طبقا لقواعد الوزارة التي وضعها مركز تطوير المناهج بالتعاون مع نخبة من الأساتذة المتخصصين, وعلي الرغم من أن هذه المؤسسات دخلت هذه المسابقات علي عجل, وفي وقت محدود, فإنها استطاعت تحقيق نجاح ملموس بمعاونة الكوادر التعليمية والفنية التي تحفل بها مصر. من الجدير بالذكر أيضا أن المؤسسة التعليمية التقليدية التي حفظت علوم الأوائل طيلة عشرة قرون علي الأقل, وهي الأزهر الشريف( جامعة وجامعا ومعاهد) كانت تأخذ بهذا المبدأ الداعي إلي حرية اختيار الطالب للكتاب الذي يدرس فيه, ومع ان المتون( أو المناهج والمقررات بلغة العصر) كانت معروفة وشبه محددة سلفا, فقد كان في وسع الطلاب أن يختاروا بين أكثر من شرح, وأكثر من حاشية, وأكثر من تعليق, وأكثر من تقرير( حسب مصطلحات المؤلفات في هذا الميدان). بل إن الذين يذهبون الي معقل الكتب الأزهرية في الصنادقية, والحسين, والازهر الشريف يجدون الألفية علي سبيل المثال, وهي مشروحة في أكثر من شرح, وتباع هذه الشروح إلي جوار بعضها في المكتبة نفسها التي قد تتولي نشر أكثر من شرح للكتاب الواحد, علي حين أن مكتبات الفجالة تكاد تلتزم بسلسلة واحدة في المادة الواحدة. وفي جميع الأحوال فإن تعدد الكتب الخارجية وتنوعها يصب فيما بدأ المجتمع يدعو إليه من الديمقراطية والتعددية, كما أن دخول هذه الكتب ميدان التنافسية الحقة كفيل بأن يعلي من قيم الجودة, وقيم الشفافية علي حد سواء, ولست أجد حرجا في أن أقول إن أحد الكتب الخارجية في اللغة العربية كان يتبني في تعليقه علي النصوص المقررة روح المناهج النقدية التقليدية, علي حين كان كتاب آخر يخرص علي تطعيم عرضه باللجوء إلي ما دعت إليه المناهج النقدية الحديثة, وقد ظل هذان الكتابان الشهيران يعيشان ويتنافسان جنبا إلي جنب حتي في عصر الشمولية. وفي مناهج العلوم كانت هناك سلسلتان من الكتب تعبران عن منهجين مختلفين لكنهما متميزان, وكانت السلسلة الأولي كفيلة للمتفوقين بمزيد من التفوق, علي حين كانت السلسلة الثانية كفيلة للمتوسطين بأقصي ما يمكن لهم أن يحققوه مع توسط كفايتهم التحصيلية, وقد كنت أختار لمن يسألني النصيحة من أولياء الأمور أو التلاميذ السلسلة التي تتناسب مع مستواه. وختاما فإني أود أن أقول إن تناول مشكلاتنا التعليمية الراهنة يتطلب قدرا من رحابة الفكر, ومن عمق الفهم, ومن طول التجربة, ومن ذكاء المقارنة, ومن صفاء العقل, ومن سلامة النية, ومن شرف القصد, ومن حب الرسالة, ودون هذه العوامل المجتمعة فقد تتحول رؤانا لمشكلاتنا إلي مشكلة جديدة تضاف إلي المشكلات الأصلية, وتضاعف من آثارها. وهو ما لا أظننا نتحمله في ظل ظروفنا الراهنة, والله من وراء القصد..
| |
|