عدد الرسائل : 305 العمر : 70 نقاط : 616 تاريخ التسجيل : 06/09/2009
موضوع: تربية القلب أساس التعليم في اليابان الأربعاء 12 مايو 2010, 1:31 pm
د.
د[u].
[size=24]أحمد نبوي دكتوراة في الإقتصاد والعلوم السياسية[ اليابان/u] ا يتميز المجتمع الياباني بوجود عاطفة إيجابية قوية نحو التعليم ، حيث يولي أولياء الأمور أهمير كبيرة لتنمية الملكات العقلية والفكرية لأبنائهم ، ولا تعتمد تلك العاطفة الجياشة نحو التعليم على الحسابات الاقتصادية الضيقة ، بل تتجاوز ذلك لتؤكد أن التعليم في المجتمع الياباني يكاد يحتل نفس المنزلة التي تحتلها الأديان في المجتمعات الأخرى . ولا يعتبر هذا الشغف بالتعليم ظاهرة زمنية حديثة حيث كان 40/%و15%من الذكور والإناث مقيدين بالمدارس الابتدائية في اليابان في الفترة من 1850 حتى 1859، وهي معدلات لا تقل عن مثيلاتها في الدول الأوروبية المتقدمة آنذاك وليست هذة العاطفة المتدفقة نحو التعليم هي الخاصية الوحيدة التي تميز النظام التعليمي الياباني عن غيره من النظم التعليمية ،فالملمح الثاني الذي يميز التعليم الياباني هو تأكيد أهمية بناء الشخصية والتركيز على تعزيز وتنمية الجوانب الأخلاقية والقيمية لدى المتعلم ، وهو ما يطلق عليه" تربية القلب". وتربية القلب كمصطلح له مدلولات كثيرة من أبرزها : تربية القلب والعقل والروح ، وتنمية الأخلاق وغرس الاتجاهات ، وبناء النسق القيمي فالتربية ليست مجرد اكتساب للمعارف والمهارات فقط ولكنها تتجاوز ذلك لتشمل جانبا خلقيا يحتل مكانة سامية لدى كل من أولياء الأمور والتلاميذ على حد سواء . ولما كان لهذا الركن القيمي تلك المنزلة ، لم يكن من المستغرب أن تؤكد المادة الأولى من القانون الأساسي للتعليم في اليابان أهمية غرس الأخلاق والقيم كهدف رئيسي للنظام التعليمي ، حيث تؤكد تلك المادة أن الهدف من التربية هو " تنمية الشخصية المتكاملة لجميع الأفراد ورعاية المواطنين الذين _كبناة لأمة مسالمة _ سوف يقدرون قيم الحق والعدل ويحترمون قيمة الإنسان ، ويثمنون قيم العمل الجاد وتحمل المسؤلية ، والذين يتمتعون بعقول مستقلة ، ويتصفون بالصحة البدنية والعقلية " وعلى الرغم من تـأكيد تلك الفقرة أهمية السلام والعدل والعمل الجاد ، إلا أن ما يثير الإحترام والتقدير ليس ما هو مكتوب ، ولكن ما هو مسكوت عنه " تربية القلب " إن مفهوم التربية في الدول الأوروبية يختلف عن مثيله في اليابان ، حيث يركز مفهوم التربية على تربية وبناء الشخصية ، أما نقل المعارف والمهارات فيطلق عليه اسم " التدريب"في الفكر التربوي الياباني . ومن المثير للدهشة أن المكانة التي تحظى بها بناء الشخصية المتكاملة في الفكر التربوي الياباني تفوق بمراحل مكانة" التدريب ونقل المهارات والمعارف "أما الملمح الثالث المميز للنظام التعليمي في اليابان فهو التأكيد الملح على مفهوم تكافؤ الفرص التعليمية ، حيث تعتبر اليابان في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية بلا مراء واحدة من أكثر الدول مساواة في جميع أنحاء العالم ويرتبط مفهوم تكافؤ الفرص التعليمية بالهدف الرئيسي للتربية في تلك الدولة بصورة تدعو إلى الإعجاب والإكبار فعلى الرغم من إدراك التربويين لوجود اختلافات في القدرات العقلية بين البشر إلا أنهم ينظرون الى هذة التباينات نظرة جد مختلفة ، فهم وإن كانوا يتقبلون وجود اختلافات في المهارات والمعارف تتمثل في وجود مستويات ومراحل مختلفة في التدريب والإمتحانات إلا أنهم لا يتقبلون مطلقا فكرة وجود اختلافات في بناء الشخصية بين الأفراد ، وعلى هذا يحصل جميع التلاميذ على نفس الموروث القيمي والبناء الأخلاقي ، بصرف النظر عن قدراتهم العقلية . ولهذا فإن هناك مقاومة شديدة في الفكر التربوي الياباني لأي محاولة لتصنيف البشر وفقا لقدراتهم العقلية فكما أن البشر متساوون أمام الله فإن بناء الشخصية المتكاملةالمعتمدة على القيم والأخلاق لا تختلف بين تلميذ وآخر في المجتمع الياباني . ولهذا فكما سبق وان ذكرت فإن التربية تعتبر بمثابة الدين المهيمن على مظاهر الحياة في المدرسة اليابانية ولعل من أبرز البصمات اليابانية على مفهوم تكافؤ الفرص التعليمية ، هو مفهوم تكافؤ الدخل ، حيث لا توجد اختلافات صارخة في مستوى دخل الفرد على الرغم من اختلاف المستويات التعليمية حيث يؤكد الفكر التربوي الياباني تحقيق أكبر قدر من المساواة بصورة تضمن حياة كريمة لجميع الأفراد . ولضمان تنفيذ مفهوم تكافؤ الفرص التعليمية وفقا للتصور الياباني فإن هناك رقابة صارمة من وزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا على السلطات التعليمية المحلية . وتهدف تلك الرقابة الصارمة من السلطات المركزية إلى ضمان تطبيق مفهوم تكافؤ الفرص كما ذكرنا .ولا ننكر ان التربية اليابانية تواجه تحديات لعل من أبرزها تحدي التنميط والجمود صحيح أن ذلك ا لفهم قد أدى الى اختفاء التفاوت الطبقي الحاد خلال المائة الثلاثين عاما الماضية إلا أن حصول كل طفل في اليابان على تعليم متميز من الطبقة الأولى لم يخل من مواجهة بعض التحديات فعلى الجانب الإيجابي أدى ذلك الى رفع المستوى الفكري للدولة ككل ، أما على الجانب السلبي فقد كانت هناك مشكلة" التنميط المفرط "الناتج عن التطبيق الصارم لمفهوم تكافؤ الفرص التعليمية وصعوبة الفرز والإنتقاء بين فيضان القيم والمعارف والمهارات التي يجب أن يتعلمها جميع التلاميذ ,TD وفي خضم ذلك السياق برز تحد ثالث هو كيفية إحترام الفردية لدى كل طفل . حث أن التركيز على المدخلات الموحدة يؤدي إلى مخرجات موحدة فكيف إذن يمكن استيعاب قيمة إحترام الفردية بصورة لا تؤدي إلى اختلاف مخرجات العملية التعليمية لهذا فإن على النظام التربوي في اليابان ان ينتقل من التنميط الى التنوع ومن الجمود إلى المرونة وهو امر ليس باليسير إن ضمان تحقيق أعلى مستوى من الجودة التعليمية وضمان المساواة في الدخل وضمان الإحترام الكامل لتفرد جميع الأطفال يمثل ثلاثة اهداف تربوية متداخلة ليس باليسير تحقيقها وهذة إحدى الإشكاليات التي يسعى الفكر التربوي الياباني إلى تجاوزها