الموضوع السابع: علاقة المعلم بالطالب: قضية الاحتساب والعلاقات التفاعلية
وها هو المؤلف يطل علينا عبر الموضوع السابع ليتحدث عن علاقة المعلم بالطالب، ومن أهم ما يقوم به المعلم تجاه الطالب هو زرع الثقة, من خلال إفشاء السلام على الطلاب, وسؤالهم عن أحوالهم.
أيضًا، التحدث معهم في أمور مهمة بالنسبة إليهم خارج نطاق المسائل التعليمية، حيث يتم بذلك كسر الحواجز بين المعلم والطالب، تلك الحواجز التي يصنعها التعليم وسلطة المعلم، وتشجيع الطلاب على التحدث بأمور لا يعتقدون أن للمعلم معرفة خاصة بها.
ويجب أيضًا عدم تسرع المعلم في إصدار الأحكام، وأخذ الطلاب بالشبهة، حيث إن بعض الطلاب يعيش فيما يشبه الخوف الدائم من أن يُتهم بأمور لم يقم بها, أو أن يساء فهمه، أو تدبر له مكيدة.
وقد أشار الكاتب هنا إلى أهمية وجود شيء من الهيبة في نفوس الطلاب تجاه معلميهم، ومن ضمن الأشياء التي يجب أن يقوم بها المعلم؛ حتى يجعل الطلاب يهابونه:
ـ تماسك شخصية المعلم، ومدى سيطرته على انفعالاته.
ـ كلما اتسعت المسافة بين وضعية المعلم العلمية والفكرية، وبين ما هو مختزن في خبرات الطلاب علت مكانته في نفوسهم، حيث إن الطلاب كلما انتقلوا إلى مرحلة من مراحل التعليم توقعوا من أساتذتهم مستويات علمية وأخلاقية معينة من منظور ما رأوا وما سمعوا في الماضي.
جو الاحترام: وكما ذكر الدكتور عبد الكريم أن جو الاحترام ليس شيئًا يصنعه الطلاب وحدهم, وإنما هي مسئولية المعلمين والموظفين.
الاحتساب في التعليم: وهي فكرة تسيطر على حس الكثيرين من المعلمين المسلمين في الماضي فكانوا يرون في ممارسة التعليم قربة من أعظم القرب إلى الله تعالى، ولذا فإنهم كانوا يتحرون النية الصالحة فيه, ويحاولون جعله خالصًا من الشوائب المادية.
العلاقة التفاعلية: والمعلم الجيد يقيم علاقة تفاعلية مع الطلاب، إذا إن بعضهم ينجذب إليه بوصفه قدوة له، وبعضهم يستمع إليه ليستفيد من معلوماته.
مشكلات التقويم: فمن المهم البحث عن الأسلوب الذي يجعل من الامتاحانات وسيلة لتنمية الطالب، عوضًا عن أن تكون وسيلة لتعويقه وتحطيمه.
الموضوع الثامن: أسلوب التعليم:
ثم عرج المؤلف بعد ذلك بالحديث على أسلوب التعليم، ومن الأشياء التي ذكرها في هذا الموضوع، التوسط في التعامل مع الناشئة, فالطالب في حاجة إلى ألا نتخلى عنه وألا نهمله، كما أنه بحاجة إلى ألا نطويه تحت أجنحتنا لنلغي شخصيته ووجوده، والتوازن المنشود في هذا الشأن ليس في متناول اليد دائمًا، فلا بد من البحث المستمر عنه.
المعارف المقفلة: فالمعلم الناجح يتخذ من المعارف الأساسية والمقفلة, ومن المعارف المفتوحة وسيلة لتكوين عقلية الطلاب التكوين الصحيح، كما يتخذ منها حافزًا يدفع الطالب إلى المزيد من التشوق لاكتساب الجديد، وهذا لا يكون إلا إذا حاول المعلم من خلال شرح المادة التي تخصص فيها تمليك الطالب رؤية واضحفة لطبيعة المادة وآفاق النمو التي تنتظرها.
الوضوح في الشرح: ويكون ذلك من خلال إيراد الأمثلة على الشيء أو الفكرة التي يريد توضحيها، فالمثال يخفف من مستوى تجريدية اللغة, ويقرب المعنى المشروح من الخبرة المتوفرة لدى الطالب.
التعليم التطبيقي: فالممارسة العملية خلال التعليم لا تساعد على توضيح الصورة وصقل المهارة فحسب، ولكنها تخفف من حدة الملل والسأم الذي يتولد من الاقتصار على التعليم النظري والسرد المتتابع للمفهومات والمعلومات التجريدية.
السرد القصصي: أشار الكاتب إلى أن القصة تتيح للطلاب إمكانات الفهم المتعدد، وتترك أمامهم المجال واسعًا للاستنتاج والاستخلاص.
تخفيف الضغوط: فمن الأشياء التي تساعد في تخفيف التوتر والضغوط التعليمية, إتاحة البدائل وفرص الاختيار أمام الطلاب, وذلك في الاختبارت والواجبات المنزلية وأماكن الدراسة.
التهديد واستخدام السلطة، وقال ها هنا أن مهنة التدريس ستظل مشوبة بالإحراج، لأن المعلم مهما بلغ من الحلم, ومهما ملك من سعة الصدر، يجد نفسه حائرًا في التعامل مع بعض الطلاب، وكم من معلم استنفد كل إمكاناته وأساليبه في جعل الطالب يقوم بكتابة واجباته أو ينتظم في حضور الدروس، أو يهدأ في الفصل ولكن دون جدوى، وكثيرًا من المعلمين يجدون أنفسهم مضطرين إلى استخدام سلطاتهم في حمل الطالب على عمل ما يعتقدون أنه الصواب، وبعضهم يتجاوز تلك السلطات إلى الضرب والتهديد والاستهزاء، وقد سجلت اليابان حالات عديدة مات فيها طلاب أثناء عملية تأديب معلميهم لهم.
ويمكن القول أن لجوء المعلم كثيرًا إلى مثل هذه الأساليب، دليل على ضعف شخصيته، وعلينا أن نحكم على المعلم الذي يعجز عن تصحيح مسار طلابه من غير اللجوء إلى الضرب أو الضغط النفسي؛ بأنه قد قطع الطريق على إمكانية قيام علاقة حميمة بينه وبين كثير من طلابه، وأنه بسبب ذلك فقد الكثير من فاعلية أدائه التعليمي.
الموضوع التاسع: ثلاثة تحديات أساسية:
الموضوع قبل الأخير الذي تناوله الدكتور في هذا السياق هو ثلاثة تحديات الأساسية، وهي: حضارة غير مواتية: فعلى صعيد المجال العلمي المعرفي, فالوضع العام الذي تعيشه معظم الدول الإسلامية، لا يشجع ولا يساعد الآباء والمربين على تكوين جيل يقدر العلم فمثلًا متوسط الأمية في العالم الإسلامي يزيد على 40%، وعلى صعيد المجال الاقتصادي المعيشي, فهو في تدهور فازدياد الفوارق بين الفقراء والأغنياء، حيث إن الشريحة الوسطى التي ينبغي أن تشكل قاعدة المجتمع العريضة تتضاءل على نحو مستمر لصالح طبقة قليلة ولكنها غنية جدًا.
ومن التحديات وسائل تثقيف منافسة، وركز المؤلف على المشكلة الموجودة بين المدرسة مع وسائل الإعلام, فهناك اختلاف في الأهداف في كل منهما, كما أن وسائل الإعلام قد لا تراعي ثقافة الجمهور, فهو يصنع ثقافة الناس.
القصور الذاتي، فقد مضت سنة الله جل وعلا في خلقه أن تكون المعاناة الأساسية للبشرية في كل شئونها بسبب ما تصنعه بيدها، ويمكن القول إن كثير من المشكلات الجوهرية التي تعاني منها مدارسنا، لا تنبع من ضغوط الحضارة الغربية, ولا من منافسة وسائل الإعلام, وإنما من ارتباكها حيال نظمها ومشكلاتها الخاصة.
ومن التحديات أيضًا التي ذكرها، تراجع مستوى المعلومات والمعارف، وتراجع مستوى التشوق والحب الخالص للعلم، إلى جانب تراجع مستوى الإحساس بمعاني الفضيلة والسعي للدار الآخرة, بالإضافة إلى التلبس ببعض مزالق الانحراف ومظاهره لدى كثير من الناشئة.
أضف إلى هذا أن البطالة تتفشى على نحو جوهري في صفوف خريجي المدارس الثانوية وغيرها، ويبرز أيضًا القصور الذاتي في المدارس في الجانب الخلقي، فالمدرسة التي تسعى إلى تخريج جيل صالح مطالبة بما لا تطالب به دائرة حكومية أو شركة تجارية، بوجوب تضمين المبادئ والأخلاق الفاضلة في مناهجها, ومن الأمور المحرجة جدًا أن يرى الطلاب في سلوك المعلمين والإداريين ما يناقض أحيانًا ما يتم تقريره داخل حجرات الدراسة.