الموضوع الرابع: بناء العقل:
ثم أطل علينا الدكتور عبد الكريم بالموضوع الثالث وهو بعنوان بناء العقل، ذاكرًا فيه متطلبقات العقل والتي كان من بينها، تنقية العقل أولًا, فكثيرًا ما تحتوي عقول طلابنا على الأفكار الخاطئة, ومنها التعصب والخضوع للعاطفة, والوقوع تحت تأثير الشائعات, والرؤية النصفية، فيجب قبل البدء في عملية التربية تنقية العقل من الرواسب السلبية.
وتكلم الدكتور عبد الكريم أيضًا عن تنمية الإبداع, وأكد على ضرورة إشعار الطالب أنه شخص مهم يعقد أهله ومعلموه عليه آمالًا لا يعقدونها على كل الأبناء والطلاب، ويمكن استغلال الفرص للتعبير عن ذلك، ومن الأشياء التي تشعر الطالب أنه مهم؛ طلب رأيه داخل الفصل وخارجه، وتعزيز ثقته بنفسه، فالثقة بالنفس ضرورية لتوسيع الطموحات، وخوض التجارب، وتقوية العزيمة، ومعنى الثقة بالنفس يقين الشخص بأنه قادر على القيام بأمور قد لا يستطيع كل الأقران القيام بها.
الموضوع الخامس: جيل يعرف:
ثم تناول المؤلف بعد ذلك موضوعًا بعنوان جيل يعرف، وتحدث فيه عن أهمية المعرفة بالنسبة لنا وللطلاب، وأورد الباحث بعض الأمور الهامة التي يجب مراعاتها في اكتساب المعرفة, منها البعد عن التحيز للتخصص، حيث لا يجوز لأي مدرس أن يُشعر الطلاب بأن المادة التي يدرسها خطيرة جدًا بكل تفاصيلها, وملحقاتها, وأن عدم فهمها يؤدي إلى كارثة.
وكذلك من الأمور الواجب مراعاتها، ألا نسرد أقوال العلماء على أنها مسلمات لا خلاف فيها، فذلك يولد لدى الطلاب عقلية البعد الواحد، كما يولد لديهم ضيق الأفق.
ثم تكلَّم المؤلف بعدها عن دور المعلم في عملية التعليم، وذكر أنه حتى يكون المربي ناجحًا في تربيته، عليه أن يتمثل شخصية اللاواعي، ويحاول أن يتصرف مع طلابه، كما يتصرف الأب مع أبنائه، ولذلك فإن المعلمين يجب أن يقوموا بالآتي: النظر إلى ما يصدر عن الطالب من تصرفات خاطئة على أنها نتيجة عدم نضجه وعدم فهمه لقوانين الحياة، قراءة ما في عيون الطلاب ووجوههم وحركاتهم والتي تعبر عن الهموم والمشكلات التي تؤرقهم وتعكر صفوهم، إنه يستطيع أن يعرف ما يعاني منه طلابه, على الرغم من قلة المعلومات والتفاصيل التي في حوزته.
ومن الأشياء التي ذكرها الدكتور عبد الكريم, أنه يجب توفير دعم كبير للمعلم من أجل تأدية دوره على أكمل وجه، من خلال الإعلام المسموع والمرئي والمقروء، وتوفير أيضًا الأرضيات والأطر للحوار والنقاش الجاد والفعال بين أولياء أمور الطلاب والمعلمين، وبين المسئولين وعامة الناس، من أجل تشكيل نشاط مواز يدعم أنشطة المدارس التربوية والتثقيفية, وسوف تستفيد المدراس كثيرًا من ذلك النشاط.
الموضوع السادس: شخصية المعلم:
فدور المعلم في التعليم هو الدور الأساسي، ومن غير النهوض به لا يمكن الحديث عن أي تقدم في التعليم، مهما أنفق عليه من مال وهُيئ له من أسباب.
وهناك بعض السمات ذكرها الكاتب والتي يجب أن يتحلى بها المعلم:
ثقافة المعلم: وذكر المؤلف بعض الملاحظات عليها, منها:
1. عصرنا الذي نعيش فيه بات يُزهِّد في الحصول على المعرفة، فكثرة متطلبات الحياة أشغلت الناس عن تثقيف أنفهسم, ووجود أشخاص كثيرين حققوا نجاحات دنيوية واسعة دون تعمق في المعرفة، جعل الناس يعتقدون أن التفوق المالي والاجتماعي لا يتوقفان على الانغماس في القراءة والاطلاع، وهذا ليس ذريعة يتقاعس من أجلها المعلمون للتوسيع معارفهم وتجديدها، فهناك كثير من المعلمين يجدون الوقت للقراءة والبحث وإقامة الدورات.
2. الثقافة أداة للتربية والإصلاح، وهي تفقد قيمتها إذا مقطوعة الصلة بالناس, والمعلم على وجه أخص بحاجة إلى أن يثري ثقافته فيما يعود على طلابه بالنفسه، فهو بحاجة لاتقان فن التحفيز, وكل ما يتصل بأسس النجاح وأخلاقياته ومستلزماته.
وقد أشار المؤلف إلى عدة مهام للمعلم:
المعلم القدوة: وذكر ضرورة أن يكون المعلم قدوة لطلابه خاصة المعلم المسلم، فهو يمضى على خطى النبي صلى الله عليه وسلم في التبليغ والتعليم والهداية، فالمعلم الذي لا يصلي, ولا يهتم بشعائر الإسلام، والذي يدخن, والذي يضع الدرجات لطلابه دون تصحيح جيد لأوراق الإجابة، أمثال هؤلاء لا يصلحون أن يكونوا قدوات لطلابهم فحسب، بل إنهم يمارسون دورًا تخريبيًا، فهم يسممون الحياة الفاضلة في المؤسسات التعليمية.
المعلم المرب: وأشار فيها أن المعلم إذا أراد أن ينجح في أن يكون مربيًا، فإن عليه أن يتمثل شخصية الأب الواعي، ويحاول أن يتصرف مع طلابه، كما يتصرف الأب مع أبنائه.
المعلم مجدد معرفة: وتجديد المعرفة يكون بشرح المعارفة القديمة بعبارات جديدة أو بضرب أمثلة من الواقع عليها، أو تطويرها ونقدها, وإدخال بعض التعديلات عليها.
تحدث المؤلف عن أنماط المعلمين: وهم المعلم المهمل والذي يهمل في المهنة الدراسية, والمعلم المستبد وهو يفتقر غلى المرونة الذهنية, المعلم الفوضوي فلا يلتزم بالنظم ولا بتوجيهات الإدارة، المعلم العادي وهو النمط السائد في المدراس.
المعلم بين الحقوق والواجبات, وأشار فيها الكاتب أننا يجب أن نعتبر أن ما يقدمه المعلمون لأبنائنا هو أكبر بكثير من أن يُقوَّم بالمال، إنهم يقدمون نوعية جديدة من الحياة، ونوعية جديدة من بلورة الشخصية، فيجب أن نقدم للمعلمين الدعم المادي ويتمثل في زيادة الرواتب والمكافآت، والدعم المعنوي ويتمثل في تقدير المهمة التي يقوم بها المعلمون.